بَصَائِرَ} [الإسراء: 102]، وقال تعالى عن اليهود: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146]، وأبلغ من هذا قول النفرين اليهوديين لما جاءا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسألاه عما دلهما على نبوته فقالا: نشهد أنك لنبي، فقال: «ما يمنعكما من اتباعي؟» قالا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود. فهؤلاء قد أقروا بألسنتهم إقرارا مطابقا لمعتقدهم أنه نبي، ولم يدخلوا بهذا التصديق والإقرار في الإيمان؛ لأنهم لم يلتزموا طاعته والانقياد لأمره.
ومن هذا كفر أبي طالب، فإنه عرف حقيقة المعرفة أنه صادق، وأقر بذلك بلسانه، وصرح به في شعره، ولم يدخل بذلك في الإسلام، فالتصديق إنما يتم بأمرين:
أحدهما: اعتقاد الصدق.
والثاني: محبة القلب وانقياده.
ولهذه قال تعالى لإبراهيم: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105]، وإبراهيم كان معتقدا لصدق رؤياه من حين رآها؛ فإن رؤيا الأنبياء وحي، وإنما جعله مصدقا لها بعد أن فعل ما أمر به.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»؛ فجعل التصديق عمل الفرج ما يتمنى القلب، والتكذيب تركه لذلك، وهذا صريح في أن التصديق لا يصح إلا بالعمل.
وقال الحسن: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في