فصل
الصنف الثالث من أدعياء الإسلام: أشباه النصارى الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم؛ وهم غلاة الرافضة والجهمية ونحوهم، ممن ذهب إلى القول بالحلول والاتحاد أو وحدة الوجود، وبعضهم أكفر من النصارى وأخبث منهم قولا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: من جعل الرب هو العبد حقيقة، فإما أن يقول بحلوله فيه أو اتحاده به، وعلى التقديرين فإما أن يجعل ذلك مختصا ببعض الخلق كالمسيح، أو يجعله عاما لجميع الخلق، فهذه أربعة أقسام:
الأول: هو الحلول الخاص؛ وهو قول النسطورية من النصارى ونحوهم، ممن يقول إن اللاهوت حل في الناسوت وتدرع به كحلول الماء في الإناء، وهذا قول من وافق هؤلاء النصارى من غالية هذه الأمة؛ كغالية الرافضة الذين يقولون إنه حلَّ بعلي بن أبي طالب وأئمة أهل بيته، وغالية النُسَّاك الذين يقولون بالحلول في الأولياء ومَن يعتقدون فيه الولاية، أو في بعضهم كالحلاج ويونس والحاكم ونحو هؤلاء.
والثاني: هو الاتحاد الخاص؛ وهو قول يعقوبية النصارى، وهم أخبث قولا، وهم السودان والقبط؛ يقولون: إن اللاهوت والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلاط اللبن بالماء، وهو قول من وافق هؤلاء من غالية المنتسبين إلى الإسلام.