والثالث: هو الحلول العام؛ وهو القول الذي ذكره أئمة أهل السنة والحديث عن طائفة من الجهمية المتقدمين، وهو قول متعبدة الجهمية الذين يقولون إن الله بذاته في كل مكان.
الرابع: الاتحاد العام؛ وهو قول هؤلاء الملاحدة الذين يزعمون أنه عين وجود الكائنات، وهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى من وجهين.
من جهة أن أولئك قالوا: إن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه بعد أن لم يكونا متحدين، وهؤلاء يقولون: ما زال الرب هو العبد وغيره من المخلوقات ليس هو غيره.
والثاني من جهة أن أولئك خصوا ذلك بمن عظموه كالمسيح، وهؤلاء جعلوا ذلك ساريا في الكلاب والخنازير، والقذر والأوساخ، وإذا كان الله تعالى قال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]، فكيف بمن قال إن الله هو الكفار والمنافقون، والصبيان والمجانين، والأنجاس والأنتان، وكل شيء، وإذا كان الله قد رد قول اليهود والنصارى لما قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه؛ وقال لهم: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} الآية [المائدة: 18]، فكيف بمن يزعم أن اليهود والنصارى هم أعيان وجود الرب الخالق، ليسوا غيره ولا سواه، ولا يتصور أن يعذب إلا نفسه، وأن كل ناطق في الكون فهو عين السامع، وأن الناكح عين المنكوح، قال: واعلم أن هؤلاء لما كان