يصلي الصلاة في الحرم الشريف المكي ويطوف، ويدرس في بيته مختفيا إن كان من أهل العلم، وإلا يسكت عن الجميع إن كان عامِّيا، ومع ذلك إذا سمعوا في حق أحد من هؤلاء المهاجرين من بلاد الهند وغيره أنه لا يقلد إماما من الأئمة الأربعة، ويتبع السنن ويقتدي بكتاب الله، سخطوا عليه ورموه بكل حجر ومدر، وسعوا به إلى الحكام، وألزموه ما لا يلزمه من الآثام، وتعاقبوه إلى أن أخرجوه من مكة إلى جدة ومن جدة إلى الغربة، وهذا من فتن آخر الزمن، ولا تخرج هذه الفتنة إلا من عند علمائها وكبرائها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تخرج الفتنة من عندهم، وفيهم تعود»، حتى سمعنا أن بعضهم أفتى بقتل المتبعين، وقال: يُقتل سياسة، وإن لم يستحق القتل. وهذا حال مكة المكرمة، فما مقام الشكوى من بلاد أخرى ليست هي في الشرف والفضيلة معشار عشرها. انتهى.
ثم إن الله سبحانه وتعالى رد الكَرَّة للموحدين، ومكَّن لهم في الأرض، فدخلوا الحجاز سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وأربعين، وأزالوا جميع الأبنية على القبور وغيرها مما يعتقد فيه، حتى لم يبق في الحجاز طاغوت يُعبد ولا قبر يُتخذ عيدا، ومنعوهم من الاجتماعات المحدثة للموالد والتعازي، وغيرها من الأعياد البدعية، وهذه هي المرة الثانية كما أشرنا إليه قريبا، ولم يزل الأمر على ذلك إلى الآن، فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين؛ حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والله المسؤول أن ينصر دينه ويعلي كلمته،