الحرمين وأعادوها فيها، لكن في مواضع مظنونة لهم لا على الحقيقة، والناس العامة بل الخاصة الذين هم كالأنعام إنما يزورون هذه المزارات المستحدثة على خيال أنها لأصحابها، وفيها أجسادهم وأبدانهم أو ترابها، مع أن ذلك ليس بصحيح. انتهى.
وقد ذكر الشيخ حسين بن غنام في كتابه "روضة الأفكار والأفهام" ما كان يفعله أهل الحجاز في زمانه من الأمور الشركية والعبادات الوثنية، قال: فمن ذلك ما يفعل عند قبر المحجوب، وقبة أبي طالب، وهم يعلمون أنه شريف حاكم، متعد غاصب، كان يخرج إلى بلدان نجد، ويضع عليهم من المال خرجا ومطالب، فإن أعطي ما أراد انصرف، وإلا أصبح لهم معاديا محاربا، فيأتون قبره بالسماعات والعلامات؛ للاستغاثة عند حلول المصائب ونزول الكوارث، وكذلك عند قبر المحجوب، يطلبون منه الشفاعة لغفران الذنوب، وإن دخل متعد أو سارق أو غاصب قبر أحدهما لم يتعرض له أحد، وإن تعلق جان - ولو أقل جناية - بالكعبة سحب منها.
قلت: ومن تعظيمهم للقبور واحترامهم لها أعظم من احترامهم للكعبة؛ ما ذكره حسين بن مهدي النعمي أن بعض من جاور بالبلد الحرام حكى له أن رجلا كان ببعض المشاهد بمكة، فقال لمن عنده: أريد الذهاب إلى الطواف، فقال له بعض كبرائها: مقامك ههنا أكرم. انتهى.
قال ابن غنام: ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين -رضي الله عنهما- في سرف، وعند قبر خديجة -رضي الله عنها- في المعلاة، ويقع فيه اختلاط النساء بالرجال، وفعل الفواحش والمنكرات،