شيخه الشيخ عبد اللطيف رحمهما الله تعالى.
وقال محمد رشيد رضا: ومن كلمات خواصهم التي سمعت من بعض قضاة الشرع وغيرهم من أهل العلم، قولهم عند القبر المنسوب إلى الحسين: يا سيدي العارف لا يُعرَّف. انتهى.
ومعنى قول أولئك المشركين "العارف لا يعرَّف": أن صاحب القبر يعلم الغيب، ويعرف ما تكنه صدور سائليه من الحاجات التي يرجون منه قضاءها، وما يخافونه من المكاره التي يرجون منه أن يدفعها عنهم، ومجرد وقوفهم عنده راغبين أو راهبين يكفيهم عن البيان له؛ لعلمه بأحوالهم وما في أنفسهم على زعمهم الكاذب، سبحانه وتعالى عما يشركون، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} [القصص:69].
وقد تقدم ما ذكره المنفلوطي من تهافت علماء مصر على يوم الكنيسة تهافت الذباب على الشراب، فإذا كان حال خاصتهم من العلماء والقضاة وغيرهم ما ذكرنا، فكيف تكون حال العوام؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولهذا لما ادَّعى بعض دجاجلتهم منذ بضع سنين أنه رب العالمين تبعه واستجاب له فئام منهم، قيل إنهم ثمانون ألفا، {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}، ويستثنى من علمائهم أفراد قليلون، لهم مقامات في الإرشاد، والدعوة إلى التوحيد، والتحذير من ضده، وجهاد الوثنيين بالقلم واللسان، ولهم في ذلك كتب وتعليقات