وفي رواية لأحمد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله»، قال فلما قام أبو بكر، وارتد من ارتد، أراد أبو بكر قتالهم، قال عمر: كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلون؟ قال: فقال أبو بكر: والله لأقاتلن قوما ارتدوا عن الزكاة، والله لو منعوني عناقا مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم. قال عمر: فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتالهم عرفت أنه الحق.
ورواه الشافعي في مسنده ولفظه أن عمر - رضي الله عنه - قال لأبي بكر - رضي الله عنه - في مَن منع الصدقة: أليس قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»؟ فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: هذا من حقها؛ يعني منعهم الصدقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في آخر كلامه على كفر مانعي الزكاة: والصحابة - رضي الله عنهم - لم يقولوا: هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الصحابة بحال، بل قال الصدِّيق لعمر -رضي الله عنهما-: والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها، فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب.
وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم سيرة واحدة؛ وهي قتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، والشهادة على قتلاهم بالنار، وسَمُّوهم جميعهم أهل الردة، وكان من أعظم فضائل الصديق عندهم أن ثبته الله على قتالهم، ولم