رحمهم الله: إذا قال الكافر لا إله إلا الله فقد شرع في العاصم لدمه، فيجب الكف عنه، فإن تمم ذلك تحققت العصمة، وإلا بطلت، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال كل حديث في وقت، فقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» ليعلم المسلمون أن الكافر المحارب إذا قالها كف عنه، وصار دمه وماله معصوما، ثم بيّن - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر أن القتال ممدود إلى الشهادتين والعبادتين فقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة»، فبيّن أن تمام العصمة وكمالها إنما يحصل بذلك، ولئلا تقع الشبهة بأن مجرد الإقرار يعصم على الدوام، كما وقعت لبعض الصحابة حتى جلاها أبو بكر الصديق، ثم وافقوه - رضي الله عنهم -. انتهى.
إذا عُرف هذا، فأعظم حقوق لا إله إلا الله إفراد الله بالعبادة، والكفر بما يُعبد من دون الله كائنا ما كان، كما في المسند، وصحيح مسلم، عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وحّد الله، وكفر بما يُعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل»، وهذا هو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256]، والطاغوت اسم لكل معبود سوى الله تعالى، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
ومن أعظم حقوق لا إله إلا الله أيضا إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ