ثم زاد الأمر شدة فوضعت قوانين أعداء الله وسياساتهم مكان الأحكام الشرعية، وأَلزموا بها مَن تحت أيديهم من المسلمين، والذين انفلتوا من أيدي المتغلبين عليهم ما زالوا على ما عهدوه، أو على نحو مما عهدوه من أحكام القوانين والسياسات، وسنن أعداء الله، وأخلاقهم الرذيلة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي قوله: «وعُدتم من حيث بدأتم» إشارة إلى استحكام غربة الإسلام، ورجوعه إلى مقره الأول كما في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها» رواه مسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه .. رواه الإمام أحمد.
وعن عمرو بن عوف المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك .. رواه الترمذي.
وقد تقدمت هذه الأحاديث في أول الكتاب، وما ذكر فيها من انضمام الإيمان إلى المدينة وما حولها لم يقع بعد، ويوشك أن يقع.
وفيما ذكرنا من الأحاديث ههنا كفاية ولله الحمد والمنة، وكلها معجزات النبوة وأعلامها؛ لمطابقتها للواقع من حال الأكثرين، فالله المستعان.
ومما يطابق زماننا هذا قول أبي الأسود الدؤلي، وقيل إنها لعبد الله بن المبارك، وقيل للحسن بن عبد الله الأصبهاني: