خمسة أوسق صدقة" [1]. ولأجل معرفة مقدار هذا النصاب بالمقاييس الحديثة كان لا بد من معرفة مقدار الصاع النَّبوي [2]؛ لأنَّ النصاب مُقَدَّر بالأوسق، والوسق مقدر بالصاع، ويتبين مقدار الصاع بمعرفة المدّ لأنَّه مُقَدَّر به، فقد اتفق العلماء على أنَّ الصاع النبوي أربعة أمداد بِمُدِّه - صلى الله عليه وسلم - [3].
الفرع الأول: مقدار المُدّ النبوي
قدَّر جماعة من العلماء المُدَّ بأنه أربع حفنات بحفنة الرجل الوسط، أو بملء كفي الإنسان المعتدل إذا مدَّ يديه بهما [4].
= وقيَّد بعضهم النصاب بالصاع، وقد استدلوا بعمومات النصوص الموجبة للزكاة في الخارج من الأرض كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء العشر".
انظر بدائع الصنائع 2/ 95، ورد المحتار 3/ 242، وأجيب عن استدلالهم بالعمومات: بأنّها مخصوصة بما بلغ خمسة أوسق جمعًا بين النصوص، ولأن الحبوب والثمار أموال، فلم تجب الزكاة في يسيرها كسائر الأموال الزكائية، ينظر: المغني 4/ 161، وقد أطال ابن القيم في ترجيح مذهب الجمهور في إعلام الموقعين 2/ 371. [1] متفق عليه، رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب من أدى زكاته فليس بكنز، برقم: (1405)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، برقم: (2263). كلاهما عن أبي سعيد. [2] الصاع: هو إناء يكال ويجمع على أصْوُع وأصواع وصُوع -بالضم- وصيعان، وصعته أصوعه كِلْتُه بالصاع، وسمي صاعًا؛ لأنه يدور بالمكيل، انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 321، والقاموس المحيط (ص 955). [3] وقد حكى الإجماع على ذلك النووي وابن الرفعة من الشافعية، انظر: شرح النووي على مسلم 8/ 359، والإيضاح والتبيان (ص 63). [4] المد: هو مكيال، ويجمع على أمداد ومِدَد ومِداد، قال في القاموس المحيط: "المُدُّ بالضَّم مكيال، وهو رطلان، أو رطل وثلث، أو ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يديه بهما، وبه سمي مدًّا، وقد جربت ذلك فوجدته صحيحًا". (ص 407)، وانظر: النهاية في غريب الحديث (ص 861).