جعلته قِرَاضًا؟ [1] فقال عمر: قد جعلته قراضًا، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال [2].
وجه الدلالة: أن ابني عمر استثمرا مالًا من أموال الله - كما في الأثر -، فدلَّ ذلك على جواز مثل هذه الصورة [3]، وأموال الزكاة من أموال الله تعالى، فيجوز استثمارها، وفي الأثر لم يعترض عمر رضي الله عنه على ابنيه لاستثمارهما هذا المال، وإنما اعترض عليهما؛ لأن أبا موسى رضي الله عنه خصهما بالمال لينتفعا من ورائه دون غيرهما، فيدل ذلك على إقرار عمر لهما على الاستثمار.
ونوقش: بأن الأثر ليس فيه نص على أن المال كان من أموال الزكاة؛ وإنما كان لبيت المال، فلا علاقة له بالزكاة [4].
ويمكن أن يُجاب ذلك بأن المال المُسْتَثمَر وُصِف بأنه (مال الله)، وهذا الوصف ينطبق على الزكاة، وعلى فرض أنه لم يكن زكاةً، فإنه يمكن قياس مال الزكاة عليه بجامع أن كلًّا منهما حق مالي لله تعالى. [1] القِراض اسم لعقد شركة المُضَارَبَة: وهي أن يدفع الإنسان لغيره ما لا يتجر به على أن يكون الربح بينهما بحسب اتفاقهما، وتكون الوضيعة على صاحب المال. ينظر: المصباح المنير (ص 406)، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء (ص 276). [2] أخرجه مالك في الموطأ: كتاب القراض، باب ما يجوز في القراض، برقم: (1372)، والدارقطني في السنن، كتاب البيوع، رقم: (241) (3/ 62)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب القراض، برقم: (11385)، والأثر صحيح الإسناد، قال عنه ابن كثير: "وهو أصل كبير اعتمد عليه الأئمة في هذا الباب مع ما يعضده من الآثار". مسند الفاروق لابن كثير 1/ 356، كما صحَّح إسناده ابن حجر في التلخيص الحبير (3/ 75). [3] مجلة مجمع الفقه (بحث الشيخ تجاني صابون محمد): ع 3 ج 1 (ص 335)، ومصارف الزكاة وتمليكها للعاني (ص 543). [4] مجلة مجمع الففه (تقي عثماني) ع 3 ج 1 ص (389).