دماءهم إلّا بحق الإسلام، وحسابهم على الله" [1].
وما ذلك إلا لعظم شأن هذه الفريضة، ولما يترتب عليها من آثار عظيمة ومقاصد جليلة، سأذكر طرفًا منها في المسألة التالية.
المسألة الثانية: المقاصد الشَّرعيَّة من فريضة الزكاة ([2]):
لقد فرض الإسلام الزكاة وجعلها ركنًا من أركانه، وأثبت لها منزلة عليا ومكانة عظمى، وما ذلك إلّا لما يتحقق من تطبيقها والأخذ بها من مقاصد شرعية عظيمة، تعود على الغني والفقير ومجتمعهما بالخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن تلك المقاصد:
أولًا: تحقيق التعبد لله بامتثال أمره والقيام بفرضه، فقد جاءت النصوص المتواترة بالأمر بأداء هذه الفريضة العظيمة، كما قال تعالى في أكثر من آية: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} [3]. وبيَّن أنّ ذلك من صفة المؤمنين الطائعين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [4]. [1] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم (138) ورواه البخاري، كتاب الإيمان، باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]، برقم: (25) إلا أنه لم يذكر (وأموالهم). [2] يراد بالمقاصد الشرعية: المعاني والحكم والأسرار الملحوظة للشارع فيما يشرع. انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر بن عاشور 2/ 51، وقواعد الوسائل لمصطفى كرامة الله مخدوم، (ص 34). [3] سورة البقرة (43). [4] سورة التوبة (18).