وإنّما اقتصر عليهما لشدة اهتمام الشارع بهما، وتقديمهما على غيرهما عند الدعوة إلى الإسلام، وأَخْذًا بمبدأ التدرج في بيان فرائض الإسلام [1]، ولذا جاءت الأحاديث بالتغليظ الشديد على مانعي الزكاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آتاه الله مالًا فلم يؤدِّ زكاته، مُثّل له يوم القيامة شجاعٌ أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - بشدقيه - ثم يقول: أنا مالُكَ، أنا كنزك"، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)} [2]، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِىَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَه، في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بين العباد، فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الجنة، وإما إلى النار. . . ولا صاحب بقر ولا غنم لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ وَلَا عَضْبَاء، تنطحه بقرونها وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِى يَوْمٍ كَان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. . . ". الحديث [3].
بل لقد شرع الإسلام مقاتلة مانعي الزكاة، فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني [1] ينظر: نيل الأوطار 2/ 479. [2] سورة آل عمران (180).
والحديث رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم: (1403). [3] رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب الزكاة، باب إثم مانعي الزكاة، برقم: (2337).