الترجيح:
يترجح القول الأول وهو وجوب الزكاة في الدين المرجو إذا بلغ نصابًا وحال الحول عليه وذلك:
1 - لقوة أدلته، مع إمكان الإجابة على أدلة الأقوال الأخرى.
2 - لما صح في ذلك من آثار الصحابة [1]، وهي وإن سلمنا بعدم الاحتجاج بها إلا أنها مرجحة، لا سيما أنه أمكن حمل ما يخالفها على الدين المظنون [غير المرجو] كما سيأتي بيانه.
3 - ولأن الدين على مليء باذل معترف كالمقبوض، فمتى شاء صاحبه أخذه [2].
4 - ولأن تأخير زكاة الدين حتى القبضِ قد يؤدي لعدم سداد الدين كما لو سدده المدين متفرِّقًا مما يصعب معه ضبط ما مر على المال من أحوال، فتزكية المال كل حول أبرأ لذمة المزكي.
5 - أن في ذلك مواساة للفقراء والمساكين، ومن في حكمهم من مصارف الزكاة الأخرى، فإن لم يجد من ماله ما يزكي به دينه، فإن له تأخير الزكاة حتى يقبض دينه للحاجة لذلك، ولما ورد فيه من آثار الصحابة، وليس في ذلك إسقاط للزكاة، وإنما هو دين في ذمته يؤخر سداده إلى محل الإمكان وهو القبض.
وأما القسم الثاني: وهو ما إذا كان الدين مظنونًا (وهو ما كان على غير مليء باذل [1] قال أبو عبيد: "وأما الذي أختاره من هذا فالأخذ بالأحاديث العالية التي ذكرناها عن عمر، وعثمان، وجابر، وابن عمر، ثم قول التابعين بعد ذلك الحسن، وإبراهيم، وجابر بن زيد، ومجاهد، وميمون بن مهران أنه يزكيه في كل عام مع ماله الحاضر إذا كان الدين على الأملياء المأمونين؛ لأن هذا حينئذ بمنزلة ما بيده وفي بيته. . . " الأموال 1/ 531. [2] المرجع السابق.