المقيس عليه هو العشر، ثبت أن ذلك هو مقدار الزكاة في المقيس، وهو العشر من صافي إيراد منتجات الحيوانات من الألبان والبيض ونحوها [1].
ونوقش: بأن المقيس عليه وهو العسل لم تثبت الزكاة فيه، فليس في زكاة العسل شيء يصح، فقد حكم كثير من المحدثين على أحاديثه بالانقطاع أو الإرسال أو الحمل على معنى غير وجوب الزكاة فيه [2].
الترجيح: يتبين مما تقدم أنه لا يتوجه إيجاب الزكاة في الأصل وهو الحيوان؛ لأنه مما لا تجب الزكاة في عينه، فليس نقدًا ولا سائمة ولا زروعًا وثمارًا، كما أنه ليس عرض تجارة يقلب في البيع والشراء، وإنما هو مال يستفاد من غلته لبيعها لغرض التجارة، فيترجح القول بزكاة الغلة زكاة عروض تجارة من عينها أو ثمنها عند حولان الحول على استفادتها وبلوغها النصاب.
وأما القول بتزكية الغلة زكاة العسل، فلا يستقيم الاستدلال به على المخالف في إيجاب الزكاة في الأصل المقيس عليه وهو العسل، ومن المعلوم أن من شروط الأصل في القياس كونه متفقًا عليه بين الخصمين [3]. [1] ينظر: فقه الزكاة 1/ 460، قلت: وقد مثّل القرضاوي بألبان البقر مع كونه قد حكي الإجماع على وجوب زكاة البقر، كما نقله هو أيضًا في فقه الزكاة 1/ 212 ولو مثل بألبان الخيل أو بيض الطيور لكان أوفق. [2] ينظر: أبحاث وأعمال الندوة الثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص 244)، زكاة الأنعام لمحمد رأفت عثمان. [3] ينظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 176، المحصول للرازي 5/ 19، وقال في شرح الكوكب المنير 27/ 4: "ومن شرط حكم الأصل أيضًا كونه متفقا عليه بين الخصمين، فإن كان أحدهما يمنعه، فلا يستدل عليه بالقياس فيه، وإنما شرط ذلك؛ لئلا يحتاج القياس عند المنع إلى إثباته، فيكون انتقالا من مسألة إلى أخرى، لا أن يكون متفقا عليه بين الأمة لحصول المقصود باتفاق الخصمين فقط، وهذا الصحيح الذي عليه الجمهور".