نام کتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح نویسنده : ابن هُبَيْرَة جلد : 3 صفحه : 170
* في هذا الحديث ما يدل على أن موسى عليه السلام احترز في نطقه بما لو قضى معه أدنى الأجلين لم يكن مخالفًا لما وعد به، ثم إنه قضى الأفضل، فجمع في ذلك بين احترازه لقوله وبين وفائه بأكمل وعديه؛ وذلك أن هذه الآيات مما تدل على أن القرآن قول فصل وليس بالهزل، وذلك قوله عز وجل: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس}، ولم يقل وجد عليه قومًا؛ لأن الأمة تشمل الرجال والنساء والصغار والكبار والشيوخ والشبان.
* وقوله: {ووجد من دونهم امرأتين} فذكرهما بنطق دال على بلوغهما مبلغ النكاح بقوله: {امرأتين}، ولم يقل: جاريتين ولا صبيتين (41/ب)، ثم قال: {تذودان} أن تمنعان الغنم عما يرديان خيارهن عنه، وفي قوله: {تذودان} دليل على كمال صحتهما. فعجب موسى من كون هاتين المرأتين قد اعتزلتا تلك الأمة، وتفرس ذلك أنه لمخالفة ومباينة في العقيدة أو في الدين، فقال: أترى المرأتين قد تنزهتا أن ينكحهما رجلان من تلك الأمة، أم الأمة قد تنزهت أن ينكح رجلان منهم هاتين المرأتين.
فرأى أن هذا مما له شأن، فقال: {ما خطبكما؟} والعادة في هذه الكلمة- وهي الخطب- أنها تستعمل في كل أمر مستفخم ومستهول، فأجابتها بأن قالتا: {لا نسقي حتى يصدر الرعاء} وقولهما: {لا نسقى} أبلغ من أن لو قالتا: لم نسق، فإن قولهما: {لا نسقى} أي هذا دأب لنا وعادة، {حتى يصدر الرعاء} أي يعود الرجال عن هذا الماء، ويخلو الماء لنا خلوًا نتمكن فيه من سقي الغنم غير محامتين عن نظر من ينظر إلى ما يبدو من أجسامنا عند معالجة سقي الغنم.
* ثم قالتا له: وأيضًا {وأبونا شيخ كبير} فأعلمتاه بهذا القول أننا ليس لنا أزواج؛ إذ لو كان لنا أزواج لكانوا هم الذين يكفونا ذلك، إذ لو كان أبونا ذا
نام کتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح نویسنده : ابن هُبَيْرَة جلد : 3 صفحه : 170