وهذا لفظه، قال: حدثني عمر بن عون، ومسدد قالا: أخبرنا خالد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بُجْدان، عن أبي ذر قال: اجتمعت غنيمة عند رسول اللِّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا ذر، اُبْدُ فيها" فبدوتُ إلى الربذة، فكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمس والست، فأتيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أبو ذر" فَسَكَتُّ، فقال: "ثكلتك أمك أبا ذر لأمك الويل" فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بِعُسٍّ فيه ماء، فسترني بثوب، واستترت بالراحلة، واغتسلت فكأني ألقيت عني جبلًا، فقال: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن ذلك خير".
[قال] [1] مسدد: "غنيمة" من الصدقة.
"الاعتزال": الانفراد من الجماعة والتَّنَخّي عنهم، اعتزل وتعتزل والعزل كله بمعنى، والاسم: العُزْلة.
وقوله: "فأمسه جلدك": يريد به الاغتسال من الجنابة، فذكر لفظ الإمساس في موضع الغسل؛ لأنه إذا مس جلده الماء فقد فعل ما يجب عليه من إيصال الماء إلى بشرته وشعره، تقول: مسست الشيء وأمسه، فلما أراد أن يعديه إلى مفعول ثان عَدَّاه بالهمزة فقال: "أَمِسَّه جِلْدَكَ".
وقوله: "ولا ماء" يريد ولا ماء عندي، أو ولا ماء أجد، فحذف ذلك ليكون النفي أبلغ وأعم، ويكون عذره عند رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أتم، لأنه إذا قال: ولا ماء فكأنه نفى وجوده نفيًا عامًّا؛ أي ليس له وجود البتة؛ إذ لو كنت أظن له وجودًا أو أعرف له مكانًا لقصدته فاغتسلت وصليت، فقال له رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حينئذ "عليك بالصعيد"، أي: اقصده وتعمده، تقول: عليك زيدًا؛ وعليك بزيد، أي خذه والزمه. وأما الفرق بين قوله: "في القوم"، و "مع القوم": [1] بالأصل [فإن] وهو تصحيف والصواب هو المثبت كذا في السنن.