العبد لو خوطب بالجمعة لوجب عليه السعي وإيقاع عبادة في مكان مخصوص وذلك لا يلزمه كالحج.
فإن قيل: هذا يدل على أنه إنما سقط ذلك عنه لحق السيد فلو أذن له سيده وأسقط حقه هل يستقر عليه الوجوب لزوال العلة المسقطة له؟ قيل: اختلف أصحابنا في ذلك ولم يختلفوا في أن الحج لا يجب عليه بإسقاط السيد حقه.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "عَن وَدْعِهِمْ" فمعناه تَرْكهم.
قال الشيخ: قال شمر: زعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدرَهُ وماضيه والنبيء - صلى الله عليه وسلم - أفصح وجاء في الحديث: "إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تُودِعَ منهم أن يُسْلَمُوا إلى ما استخفوه من النكير عليهم" كأنهم تركوا وما استخفوه من المعاصي حتى يصروا فيستوجبوا العقوبة فيعاقبوا. وأصله من التوديع وهو الترك.
330 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ [231] وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ لَغَا" (ص 588).
قال الشيخ -أيده الله-: يَنْقدحُ في نفسى في هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما حدد الزيادة على الجمعة بثلاثة أيام لأنه يقدر أن يوم الجمعة لما فعل فيه هذا الخير وكانت الحسنة بعشر [أمثالها] [232] بلغ هذا التضعيف إلى ما قال "أيام الجمعة سبعة" وتكمل السبعة بثلاثة. وهذا كما يتأول كون صوم رمضان وستة من شوال مكفرا للدهر لما كان هذا المقدار يبلغ تضعيفه بعشرٍ جميع أيام السنة كما ننبه عليه في كتاب الصوم إن شاء الله. [231] في (أ) "غفر له ما بين الجمعة". [232] ساقط من (أ) و (ج) و (د).