قال الشيخ -وفقه الله-: الباري لا يوصف بالمحبة المعهودة فينا، لأنه يتقدس عن أن يميل أو يمال إليه، وليس بذي جنس أو طبع فيتصف بالشوق الذي تقتضيه الجنسية والطبيعة [201] البشرية وإنما معنى محبته سبحانه للخلق إرادته لثوابهم وتنعيمهم على رأي بعض أهل العلم، وعلى رأي بعضهم أن المحبة راجعة إلى نفس الإِثابة والتنعيم لا للإِرادة. ومعنى محبة المخلوقين له إرادتهم أن يُنعِم [202] ويحسن إليهم.
316 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُف فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ" (ص 560).
قال الشيخ -وفقه الله-: من الناس من ظن أن المراد بهذا سبعة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص إلى غير ذلك. وإنما غره في ذلك حديث رُويَ عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" ذكر فيه: "أنْزِلَ القُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ "وفسره بهذا المعنى. [وهذا التأويل خطأ] [203] لأنه عليه السلام أشار في هذا الحديث إلى جواز القراءة بكل حرف وإبدال حرف من السبعة بحرف آخر وقد تقرر إجماع المسلمين على أنه لا يحل إبدال آية أمثال بآية أحكام. قال تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [204]. وكذلك ظن آخرون أن المراد به إبدال خواتم الآي فيجعل مكان غفور رحيم، سميع بصير ما لم يتناقض المعنى فيبدل آية رحمة بآية عذاب. وهذا أيضاً فاسد لأنه قد استقر الإِجماع على منع تغيير القرآن ولو زاد أحد من المسلمين في كلمة منه حرفاً واحداً أو خفف مشدَّدا أو شدّد مخفَّفا لَبَادَرَ الناس إلى إنكاره فكيف بإبدال كثير من كلماته. وإذا فسد هذان. التأويلان قلنا ينبغي [201] في (أ) "الطبيعية". [202] في (ج) "أن ينعمهم". [203] ما بين المعقفين محو في (أ). [204] (15) يونس.