بي، أو تضحك بي وأنت الملك؟ " وهب أنكم تأوَّلتم الضحك على ما ذكرتم [343] من الرضا وغيره، وهذا غير متأت هاهنا.
والسؤال الثاني: أن يقال: كيف يقال للباري سبحانه: أتسخر مني؟ وِإنما: ساغ ذلك في الشرع على وجه المقابلة، كقوله تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [344]، {وَيَسْتَهْزِئُونَ}، {الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} [345].
والجواب عن السؤال الأول: أن يقال من عادة المستهزىء من المخلوقين والساخر أن يضحك، فوضع هاهنا "تضحك" موضع: تستهزىء وتسخر. لما كانت حالة [346] للساخر.
وأما الجواب عن السؤال الثاني فإن هذا هاهنا لم يقع إلا على جهة المقابلة وهي إن لم تكن موجودة في اللفظ، فهي موجودة في معنى الحديث لأنه ذكر فيه أنه عاهد الله مراراً أن لا يسأل الله تعالى غير ما سأله، ثم غدر، وحل غدره محل الاستهزاء والسخرية، فقدر أن قوله تعالى له [347]: {ادخل الجنّة} وتردده إليها وتخيله أنها ملأى ضرب من الإِطماع له والسخرية به جزاء على ما تقدم من غدره، وعقوبة له فسمي الجزاء على السخرية سخرية، فقال: أتسخر مني، أي تعاقبني بالإِطماع [348]. [343] في (ج) "على معنى الرضا". [344] (79) التوبة. [345] في النسخ الثلاث "ويستهزءون الله يستهزىء بهم" مع أن التلاوة {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (15) البقرة، والظاهر أنه لم يقصد التلاوة بدليل الاتيان بالفعل والواو قبله. [346] في (ب) "عادة". [347] في (ب) "له" ساقطة. [348] في (ج) "فلا يكون منك الوفا ما كان مني".