وإنما عن اجتهاد خاطىء وإن كان الخطأ في الاجتهاد في العقائد لا يغتفر لأنه ليس كالخطإ في الاجتهاد في استخراج الأحكام وإنما دقة المسألة تهون الحكم عليهم.
وبجانب موقف صاحب المعلم موقف القاضي عياض، وهو موقف دقق فيه البحث مع صاحبنا فذكر أن ما جاء في مسلم من نفي القدر جملة، بمعنى أن الله تعالى لا يعلم الأشياء قبل وجودها وإنما يعلمها بعد أن تقع، هو الذي فسر به مالك مذهب القدرية فيما رواه بعضُ أصحابه.
فالقاضي يريد إثبات ما نفاه المازري عن المعتزلة فنفي القدر جملة هو من مذهب المعتزلة وهم قائلون به وبذلك فسر مذهبهم مالك. وقصد بنقل تفسير مالك مذهبهم توضيح أن ما جاء في كلام المازري ليس بالأمر الصحيح.
ثم وضح القاضي أن نفى القدر جملة قالت به الجهمية وقوم من الرافضة وطائفة من المعتزلة.
ثم إن القاضي عياضا نقل عن البلخي أن القائلين بنفي القدر جملة كما تقدم قد انقرضوا جميعاً.
ثم بين أن مذهب معبد الجهني الذي حكى عنه يحيى بن يعمر ما جاء في مسلم هو مذهب المعتزلة في القديم، أخذوه من الفلاسفة كعادتهم في بنائهم أكثر مذاهبهم على منزع الفلاسفة في الإِلهيات، لكن لقبحه رجعت جميع طوائفهم عنه مع بقائهم على أصل الاعتزال من إثبات منزلة بين المنزلتين ويسمونه عدلاً، ونفي الصفات التي أطبقت طوائفهم عليه وأخذوه أيضاً من الفلاسفة ويسمُّونه توحيداً ليدرؤوا عن أنفسهم اسم المجوسية التي سماهم بها صاحب الشرع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذِهِ