المتكاملين بين المازري وعياض في المعلم وإكماله مخصصين ذلك بناحية خاصة وهي ناحية في علم الكلام.
وسيتضح للناظر حين نبرز تجاذب الرجلين للمسائل العامة وفي طالعتها مسألة القضاء والقدر.
بين المازري وعياض
لم يتعرض الأول لهذه المسألة إلا من ناحية خاصه وهي ناحية تكفير المعتزلة فذكر: "وأما قوله: لا قدر فلا تقول به المعتزلة على الإِطلاق وإنما يقولون: إن الشر والمعاصي تكون بغير قدر الله تعالى لكن من لم يتشرع من الفلاسفة ينكر القدر جملة".
وأما ما ذكر من تبري ابن عمر منهم وقوله: "لا يقبل من أحدهم ما أنفق، فلعله فيمن ذكرنا من الفلاسفة، أو على وجه التكفير للقدرية على أحد القولين في تكفيرهم عندنا إذ كان أراد بهذا الكلام تكفير من ذكر" [115].
هكذا يقف في الفقرة المتقدمة موقفاً من المعتزلة لا يذهب فيه إلى الغلو في الرد عليهم إلى حد التكفير، ويحيل ما صدر من ابن عمر -رضي الله عنهما- وناهيك به إلى أنه لا يقصدهم بالذات وإنما يقصد من لم يتشرع من الفلاسفة أي من لم لم يكن متبعاً للشريعة من الفلاسفة فيقصي كلامه عن المعتزلة إلى غيرهم. ولم يصنع هذا الصنيع في كلام ابن عمر - رضي الله عنهما - إلا لأنه يرى أنهم لم يبلغوا إلى درجة تؤدي إلى كفرهم فهو يعذرهم وإن كان لا يوافقهم ولا يجاريهم، وإنما لصعوبة المسلك تاهوا لا عن قصد إلى الضلال [115] انظر النص، الفقرة (9).