نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 50
قال: ولا يمكن أن يتأوّل ذلك على المسلمين لأنهم أجابوا دعوة الله تعالى، وإنما يدعى إلى الله من كان خارجًا عن الإسلام (ويدعونه) أي الفئة الباغية أو أهل مكة (إلى) سبب (النار) لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم لأنهم كانوا مجتهدين ظانين أنهم يدعونه إلى الجنة وإن كان في نفس الأمر بخلاف ذلك فلا لوم عليهم في اتباع ظنونهم الناشئة عن الاجتهاد، وإذ قلنا المراد
أهل مكة وأنهم دعوه إلى الرجوع إلى الكفر، وأن هذا كان أول الإسلام فلم قال: يدعوهم بلفظ المستقبل فيكون قد عبّر بالمستقبل موضع الماضي كما يقع التعبير بالماضي موضع المستقبل فمعنى يدعوهم دعاهم إلى الله فأشار عليه الصلاة والسلام إلى ذكر هذا لما طابقت شدّته في نقله لبنتين شدّته في صبره بمكة على العذاب تنبيهًا على فضيلته وثباته في أمر الله قاله ابن بطال.
والأول هو ظاهر السياق لا سيما مع قوله: تقتله الفئة الباغية، ولا يصح أن يقال: إن مراده الخوارج الذين بعث عليّ عمارًا يدعوهم إلى الجماعة لأن الخوارج إنما خرجوا على عليّ بعد قتل عمار بلا خلاف، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان عقب انتهاء القتال بصفّين، وكان قتل عمار قبل ذلك قطعًا، لكن ابن بطال تأدب حيث لم يتعرض لذكر صفين إبعادًا لأهلها عن نسبة البغي إليهم وفيما تقدم من الاعتذار عنهم بكونهم مجتهدين والمجتهد إذا أخطأ له أجر ما يكفي عن هذا التأويل البعيد.
وهذا الحديث قد مرّ في باب التعاون في بناء المسجد من كتاب الصلاة.
18 - باب الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ
2813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاَحَ؟ فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَأَيْنَ؟ قَالَ: هَاهُنَا -وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ- قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
(باب) جواز (الغسل بعد الحرب والغبار).
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد) بغير نسبه ونسبة أبو ذر عن الكشميهني فقال محمد بن سلام بتخفيف اللام ابن الفرج السلمي البيكندي قال: (أخبرنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما رجع يوم الخندق) الذي حفره الصحابة لما تحزبت عليهم الأحزاب بالمدينة سنة أربع أو سنة خمس (ووضع السلاح) وسقط لأبي ذر لفظ السلاح (واغتسل، فأتاه جبريل) عليهما السلام (و) الحال أنه (قد عصب رأسه الغبار) بتخفيف الصاد المهملة أي ركب على رأسه الغبار وعلق به كالعصابة تحيط بالرأس (فقال) له: (وضعت السلاح فوالله ما وضعته. فقال) له (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(فأين)؟ وفي المغازي من طريق عبد الله بن أبي شيبة عن ابن نمير عن هشام والله ما وضعناه فأخرج إليهم قال: "فإلى أين"؟ (قال: هاهنا وأومأ إلى بني قريظة) بضم القاف وفتح الراء وسكون
التحتية وفتح الظاء المعجمة قبيلة من اليهود (قالت) عائشة -رضي الله عنها- (فخرج إليهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
وهذا الحديث أخرجه في المغازي أيضًا.
19 - باب فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 179 - 181].
(باب فضل قول الله تعالى): أي فضل من ورد فيه قول الله تعالى، ولأبي ذر: عز وجل ({ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء) أي بل هم أحياء ({عند ربهم}) ذوو زلفى منه ({يرزقون}) من الجنة ({فرحين}) حال من الضمير في يرزقون ({بما آتاهم الله من فضله}) وهو شرف الشهادة والفوز بالحياة الأبدية والقرب من الله تعالى والتمتع بنعيم الجنة ({ويستبشرون}) عطف على فرحين أي يسرون بالبشارة ({بالذين لم يلحقوا بهم}) أي بإخوانهم المؤمنين الذين فارقوهم أحياء فيلحقوا بهم ({من خلفهم ألاّ خوف عليهم}) فيمن خلفوهم من ذريتهم ({ولا هم يحزنون}) على ما خلفوا من أموالهم ({يستبشرون}) قال القاضي كرره للتوكيد، أو ليعلق به ما هو بيان لقوله (أن لا خوف عليهم) ويجوز أن يكون الأول بحال إخوانهم وهذا بحال أنفسهم ({بنعمة من الله}) ثواب لأعمالهم ({وفضل}) زيادة عليه كقوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26] وتنكيرهما للتعظيم ({وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}) [آل عمران: 169 - 170 - 171] من جملة المستبشر به عطف على فضل.
وفي حديث ابن عباس عند الإمام أحمد مرفوعًا: الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 50