نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 401
(شيطانًا) قيل: إن سليمان غزا صيدون من الجزائر فقتل ملكها وأصاب ابنته جرادة فأحبها وكان لا يرقأ دمعها حزنًا على أبيها، فأمر الشياطين فمثلوا لها صورته وكان اتخاذ التماثيل جائزًا حينئذٍ فكانت تغدو إليها وتروح مع ولائدها يسجدن لها كعادتهن في ملكه، فأخبره آصف بسجودهن فكسر الصورة وضرب المرأة وخرج إلى الفلاة باكيًا متضرّعًا، وكانت له أم ولد تسمى أمينة إذا دخل للطهارة أعطاها خاتمه وكان ملكه فيه فأعطاها يومًا فتمثل لها بصورته شيطان اسمه صخر وأخذ الخاتم فتختم به وجلس على كرسيه فاجتمع عليه الخلق ونفذ حكمه في كل شيء إلا في نسائه، وغيّر سليمان عن هيئته فأتاها يطلب الخاتم فطردته فعرف أن الخطيئة قد أدركته فكان يدور على البيوت يتكلّف حتى مضى أربعون يومًا عدد ما عبدت الصورة في بيته، فطار الشيطان وقذف الخاتم في البحر فابتلعته سمكة فوقعت في يده فبقر بطنها فوجد الخاتم فتختم به وخر ساجدًا لله تعالى وعاد إليه ملكه والخطيئة تغافله عن حال أهله والسجود للصورة بغير علمه لا يضرّه.
وعن مجاهد فيما رواه الفريابي {وألقينا على كرسيه جسدًا} [ص: 34] قال: شيطانًا يقال له آصف. قال له سليمان: كيف تفتن الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك فأعطاه فقذفه آصف في البحر فساخ فذهب سليمان وقعد آصف على كرسيه ومنعه الله نساء سليمان فلم يقربهن الخبر بنحو ما سبق. قال ابن كثير: وهذا كله من الإسرائيليات، وقال البيضاوي أظهر ما روي في ذلك مرفوعًا أنه قال: "لأطوفن الليلة على تسعين امرأة" الحديث ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى بعون الله.
({رخاء}) في قوله تعالى: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء} [ص: 36] أي (طيبة) ولأبي ذر عن الكشميهني طيبًا بالتذكير ({حيث أصاب}) أي (حيث شاء {فامنن}) أي (اعط) من شئت أو أمسك أي امنع من شئت ({بغير حساب}) [ص: 39] أي (بغير حرج).
3423 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ صَلاَتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا». عِفْرِيتٌ: مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة ابن عثمان العبدي البصري بندار قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج
(عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولى آل عثمان بن مظعون (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:
(إن عفريتًا) بكسر العين (من الجن تفلّت) أي تعرض لي فلتة لم بغتة (البارحة) أي الليلة الخالية الزائلة (ليقطع عليّ صلاتي) بتشديد ياء عليّ (فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه) بضم الموحدة (على) كذا في اليونينية وفي فرعها إلى (سارية من سواري المسجد) أسطوانة من أساطينه (حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي) في النبوة (سليمان رب هب لي ملكًا) التلاوة {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35] من البشر (فرددته) حال كونه (خاسئًا) مطرودًا.
({عفريت}) [النمل: 13] أي (متمرد من إنس أو جان) وإطلاقه على الإنس على سبيل الاستعارة ولاشتهار هذه الاستعارة قال بعضهم: العفريت من الرجال الخبيث المنكر، وقال ابن عباس: العفريت الداهية، وقال الربيع الغليظ، وقال الفراء: التشديد وصف بكونه من الجن في قوله تعالى {قال عفريت من الجن} [النمل: 39] تمييزًا له. وقيل إن الشيطان أقوى من الجن وإن المردة أقوى من الشياطين وإن العفريت أقوى منهما، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو السمال بالسين المهملة واللام، ورويت عن أبي بكر الصديق عفرية بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء وفتح التحتية بعدها تاء التأنيث المنقلبة هاء وقفًا، وأنشدوا على ذلك قول ذي الرمة:
كأنه كوكب في اثر عفرية ... مسوّم في سواد الليل منقضب
وهذا (مثل زبنية) بكسر الزاي وسكون الموحدة وكسر النون وفتح التحتية آخرها هاء تأنيث (جماعتها الزبانية). ولأبي ذر: جماعته زبانية، والزبانية في الأرض اسم أصحاب الشرط مشتق من الزبن وهو الدفع وسمي بذلك الملائكة لدفعهم أهل النار فيها. وقال بعضهم: وأحدها زبانيّ، وقيل
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 401