نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 381
جزيرة من جزائر البحر (فكان من شأنهما الذي قص الله) عز وجل (في كتابه) في سورة الكهف.
وهذا الحديث قد سبق في باب ما ذكر في ذهاب موسى إلى الخضر من كتاب العلم.
3401 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: «قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: بَلَى، لِيَ عَبْدٌ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: أَىْ رَبِّ وَمَنْ لِي بِهِ؟ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: أَىْ رَبِّ وَكَيْفَ لِي بِهِ؟ - قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ -وَرُبَّمَا قَالَ: فَهْوَ ثَمَّهْ- وَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ حَتَّى إذا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا، فَرَقَدَ مُوسَى، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ -فَقَالَ: هَكَذَا مِثْلُ الطَّاقِ- فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لِفَتَاهُ. آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ. قَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا، فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلَهُمَا عَجَبًا. قَالَ لَهُ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا -رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا- حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ: يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ. قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ؟ قَالَ: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} -إِلَى قَوْلِهِ- {إِمْرًا}. فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ كَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ. فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، إِذْ أَخَذَ الْفَأْسَ فَنَزَعَ لَوْحًا، قَالَ: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلاَّ وَقَدْ قَلَعَ لَوْحًا بِالْقَدُّومِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: مَا صَنَعْتَ؟ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ، وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا. فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ الْبَحْرِ مَرُّوا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا -وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا- فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ
عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي، قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ مَائِلاً -أَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ، فَلَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ "مَائِلاً" إِلاَّ مَرَّةً- قَالَ: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ، لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا. قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوْ كَانَ صَبَرَ يُقَصُّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا. وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. ثُمَّ قَالَ لِي سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ: حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ، وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِي؟ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ".
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا عمرو بن دينار) المكي (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن جبير) بضم الجيم مصغرًا الكوفي (قال: قلت لابن عباس أن نوفًا) بفتح النون وسكون الواو وتنوين الفاء ابن فضالة بفتح الفاء والضاد المعجمة أبا يزيد القاص (البكالي) بكسر الموحدة وتخفيف اللام والكاف على الصواب، ونقل عن المهلب والصدفي وأبي الحسن بن سراج نسبة إلى بكال من حمير وضبطه أكثر المحدّثنين فما قاله عياض البكالي بفتح الموحدة وتشديد الكاف قال: وكذا قيدناه عن أبي بحر وابن أبي جعفر عن العذري وقاله أبو ذر نسبة إلى بكال بن دعمى (يزعم أن موسى صاحب الخضر) الذي قص الله عنهما في سورة الكهف (ليس هو موسى بني إسرائيل إنما هو موسى آخر) يسمى موسى بن ميشا بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب وموسى الثاني منوّن للفرق (فقال) ابن عباس: (كذب عدوّ الله) نوف فيما زعم قاله مبالغة في الإنكار والزجر وكان في شدة غضبه لا أنه يعتقد ذلك (حدّثنا أبي بن كعب عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسئل أيّ الناس أعلم) أي منهم (فقال) بحسب اعتقاده (أنا) أعلم الناس وهذا أبلغ من قوله في الرواية السابقة هل تعلم أحدًا أعلم منك: قال: لا. فإنه نفى هناك علمه وفي هذه الرواية على البت (فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه) فيقول نحو الله أعلم (فقال) الله (له: بلى لي عبد) هو خضر (بمجمع البحرين) ملتقى بحري فارس والروم مما يلي المشرق (هو أعلم منك) أي بشيء مخصوص (قال) موسى (أي) أي يا (رب ومن لي به)؟ أي ومن يتكفل لي برؤيته (وربما قال سفيان) بن عيينة (أي رب وكيف لي به)؟ أي وكيف يتهيأ لي أن أظفر به (قال) تعالى: {تأخذ حوتًا) مملوحًا (فتجعله في مكتل) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الفوقية زنبيل (حيثما فقدت الحوت) بفتح القاف (فهو) أي الخضر (ثم) بفتح المثلثة
وتشديد الميم (وربما قال فهو ثمه) بزيادة هاء السكت الساكنة أي هناك (وأخذ) بالواو موسى (حوتا) مملوحًا (فجعله في مكتل) كما أمر (ثم انطلق هو وفتاه يوشع بن نون) بالصرف كنوح (حتى أتيا) ولأبي ذر حتى إذا أتيا (الصخرة) التي عند ساحل مجمع البحرين ويقال ثمة عين تسمى بعين الحياة "وضعا رؤوسهما فرقد موسى واضطرب الحوت" أي تحرك لأنه أصابه من ماء عين الحياة (فخرج) من المكتل (فسقط في البحر فاتخذ سبيله) طريقه (في البحر سربًا) مسلكًا (فأمسك الله) عز وجل (عن الحوت جرية الماء فصار) عليه (مثل الطاق) وفي نسخة في مثل الطاق (فقال: هكذا مثل الطاق) أي مثل عقد البناء قال الكرماني: معجزة لموسى والخضر (فانطلقا) موسى وفتاه (يمشيان بقية ليلتهما ويومهما) بنصب اليوم (حتى إذا كان من الغد قال) موسى (لفتاه) يوشع: (آتنا غداءنا) طعامنا الذي نأكله أوّل النهار (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا) تعبًا (ولم يجد موسى النصب حتى جاوز حيث أمره الله) تعالى (قال له فتاه) يوشع: (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت) أن أخبرك بحياته وانتضاب الماء مثل الطاق وغيره (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) لها بهر العقل من عظيم القدرة (واتخذ سبيله في البحر) سبيلاً (عجبًا) مفعول ثان لاتخذ وهو كونه كالسرب (فكان للحوت) أي لدخول الحوت في الماء (سربًا) مسلكًا (ولهما) لموسى وفتاه (عجبًا) فإنه جمد الماء أو صار صخرًا (قال له موسى ذلك) الذي ذكرته (ما كنا نبغي فارتدّا على آثارهما) يقصان (قصصًا) أي (رجعا) في الطريق الذي جاءا فيه (يقصان آثارهما) قصصًا أي يتبعان آثار مسيرهما اتباعًا (حتى انتهيا إلى الصخرة) فذهبا يلتمسان الخضر (فإذا رجل) نائم (مسجى بثوب) أي مغطى كله به (فسلم موسى)
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 5 صفحه : 381