نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 4 صفحه : 68
باقيًا بيده فلو تلف وكان من نوع ما لزم
المشتري ردّه فيخرج من كلام الأئمة أنهما يقعان في التقاص إن جوّزناه في المثليات كما هو الأصح المنصوص خلافًا للرافعي وغيره، ولو ردّ غير المصراة بعد الحلب بعيب فهل يردّ بدل اللبن وجهان. أحدهما وبه جزم البغوي وصححه ابن أبي هريرة والقاضي وابن الرفعة نعم كالمصراة فيردّ صاع تمر.
وقال الماوردي: بل فيه اللبن لأن الصاع عوض لبن المصراة وهذا لبن غيرها.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضًا وكذا أبو داود والنسائي.
65 - باب إِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ، وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ
(باب) بالتنوين (إن شاء) مشتري المصراة ترك البيع (ردّ المصراة) بالنصب مفعول ردّ والجملة جواب الشرط (و) عليه (في حلبتها صاع من تمر) بسكون اللام في اليونينية وغيرها على أنه اسم الفعل ويجوز الفتح على أنه بمعنى المحلوب قاله العيني كفتح الباري. وقال في القاموس: الحلب ويحرّك استخراج ما في الضرع من اللبن كالحلاب والاحتلاب والحلب محركة والحليب اللبن المحلوب ما لم يتغير طعمه. وقال الجوهري: الحلب بالتحريك اللبن المحلوب والحلب أيضًا مصدر حلب الناقة يحلبها حلبًا واحتلبها فهو حالب، وحاصله إن أريد بالحلب اللبن فلامه مفتوحة فقط وإن أريد به المصدر فيجوز السكون والفتح، وعلى هذا فمفهوم قول البخاري وعليه في حلبتها بسكون اللام صاع من تمر أن الصاع في مقابلة الفعل وهو موافق لقول ابن حزم يجب ردّ التمر واللبن معًا لأن التمر في مقابلة الحلب لا في مقابلة اللبن، وهذا مخالف لما عليه الجمهور من أن التمر في مقابلة
اللبن وقد كان القياس ردّ عين اللبن أو مثله، لكن لما تعذر ذلك باختلاط ما حدث بعد البيع في ملك المشتري بالموجود حال العقد وإفضائه إلى الجهل بقدره عين الشارع له بدلاً يناسبه قطعًا للخصومة ودفعًا للتنازع في القدر الموجود عند العقد.
2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عمرو) بفتح العين، وللمستملي في رواية عبد الرحمن الهمداني زيادة ابن جبلة وكذا قال أبو أحمد الجرجاني في روايته عن الفربري، وفي رواية أبي عليّ بن شبويه عن الفربري حدّثنا محمد بن عمرو يعني ابن جبلة وأهمله الباقون، وجزم الدارقطني بأنه محمد بن عمرو أبو غسان الرازي المعروف بزنيج بزاي ونون وجيم مصغرًا، وجزم الحاكم والكلاباذي بأنه محمد بن عمرو السوّاق البلخي. قال الحافظ ابن حجر في المقدمة: ويؤيده أن المكي شيخه بلخي وقال في الشرح والأوّل أولى. قال: (حدّثنا المكي) بن إبراهيم وهو من مشايخ المؤلّف قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد (زياد) بزاي مكسورة ومثناة تحتية مخففة
ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني (أن ثابتًا) هو ابن عياض بن الأحنف (مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها) بسكون اللام (صاع من تمر) ظاهره أن الصاع في مقابلة المصراة سواء كانت واحدة أو أكثر لقوله: من اشترى غنمًا لأنه اسم مؤنث موضوع للجنس، ثم قال: ففي حلبتها صاع من تمر، ونقل ابن عبد البر عمن استعمل الحديث وابن بطال عن أكثر العلماء وابن قدامة عن الشافعية والحنابلة وعن أكثر المالكية يردّ عن كل واحدة صاعًا. وقال المازري: ومن المستبشع أن يغرم متلف لبن ألف شاة كما يغرم متلف لبن واحدة.
وأجيب: بأن ذلك مغتفر بالنسبة إلى ما تقدم من أن الحكمة في اعتبار الصاع قطع النزاع فجعل حدًّا يرجع إليه عند التخاصم فاستوى القليل والكثير، ومن المعلوم أن لبن الشاة الواحدة أو الناقة الواحدة يختلف اختلافًا متباينًا ومع ذلك فالمعتبر الصاع سواء قلّ اللبن أم كثر فكذلك هو معتبر سواء قلّت المصراة أم كثرت انتهى.
وقال الحنفية: لا يجوز للمشتري أن يرد ما اشتراه إذا وجدها مصراة مع لبنها ولا مع صاع تمر لفقده لأن الزيادة المنفصلة المتولدة عن المصراة وهو اللبن مانعة من ردها، وحديث أبي هريرة مخالف قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: 194].
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في البيوع.