نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 4 صفحه : 296
هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن أنس -رضي الله عنه-): أنه (قال ولقد رهن رسول الله) هو عطفًا على شيء محذوف بينه أحمد من طريق أبان العطار عن قتادة عن أنس أن يهوديًا دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأجابه ولقد رهن رسول الله ولأبي ذر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- درعه) بكسر الدال وسكون الراء (بشعير) أي في مقابلة شعير فالباء للمقابلة عند أبي الشحم اليهودي وكان قدر الشعير ثلاثين صاعًا كما عند المؤلّف في الجهاد وغيره.
قال أنس: (ومشيت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخبز شعير) بالإضافة (وإهالة سنخة) بكسر الهمزة وتخفيف الهاء ما أذيب من الشحم والألية وسنخة بفتح السين المهملة وكسر النون وفتح الخاء المعجمة صفة لإهالة أي متغيرة الريح.
وقال أنس أيضًا: (ولقد سمعته) عليه الصلاة والسلام (يقول: ما أصبح لآل محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلاّ
صاع ولا أمسى) أي ليس لهم إلا صاع، وعند الترمذي والنسائي من طريق ابن أبي عدي ومعاذ بن هشام عن هشام بلفظ: ما أمسى لآل محمد صاع تمر ولا صاع حب، وسبق في أوائل البيوع من وجه آخر بلفظ: بن بدل تمر، والمراد بالآل أهل بيته عليه الصلاة والسلام، وقد بينه بقوله: (وإنهم) أي آله (لتسعةُ أبياتٍ) أي تسع نسوة وأراد بقوله ذلك بيانًا للواقع لا تضجرًا وشكاية حاشاه الله من ذلك بل قاله معتذرًا عن إجابته لدعوة اليهودي ولرهنه درعه عنده وفيه ما كان عليه الصلاة والسلام من التواضع والزهد في الدنيا والتقلل منها مع قدرته عليها والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار حتى احتاج إلى رهن درعه والصبر على ضيق العيش والقناعة باليسير.
وهذا الحديث قد سبق في أوائل البيع.
1 - باب مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ
(باب من رهن درعه).
2509 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: "تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ
وَالْقَبِيلَ فِى السَّلَفِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: تذاكرنا عند إبراهيم) النخعي (الرهن والقبيل) بفتح القاف وكسر الموحدة هو الكفيل وزنًا ومعنى (من السلف فقال: إبراهيم): بن يزيد النخعي (حدّثنا الأسود) بن يزيد (عن عائشة -رضي الله عنها-):
(أن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اشترى من يهودي) اسمه أبو الشحم كما في رواية الشافعي والبيهقي (طعامًا) ثلاثين صاعًا من شعير وعند البيهقي والنسائي بعشرين ولعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغاه أخرى وعند ابن حبّان من طريق شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارًا (إلى أجل) في صحيح ابن حبان من طريق عبد الواحد بن زياد عن الأعمش أنه سنة (ورهنه درعه). أي ذات الفضول كما بيّنه أبو عبد الله التلمساني في كتاب الجوهرة، وقد قيل إنه عليه الصلاة والسلام افتكّه قبل موته لحديث أبي هريرة، وصححه ابن حبان: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه وهو-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منزّه عن ذلك، وهذا معارض بما وقع في أواخر المغازي من طريق الثوري عن الأعمش بلفظ: توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودرعه مرهونة. وفي حديث أنس عند أحمد: فما وجد ما يفتكها به.
وأجيب عن حديث نفس المؤمن معلق بدينه بالحمل على من لم يترك عند صاحب الدين ما يحصل له به الوفاء، وإليه جنح الماوردي، وذكر ابن الطلاع في الأقضية النبوية أن أبا بكر افتكّ الدرع بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وفي الحديث جواز البيع إلى أجل واختلف هل هو رخصة أو عزيمة قال ابن العربي: جعلوا الشراء إلى أجل رخصة وهو في الظاهر عزيمة لأن الله تعالى يقول في محكم كتابه: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة: 282] فأنزله أصلاً في الدين ورتب عليه كثيرًا من الأحكام.
وهذا الحديث قد سبق في باب شراء النبي--صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالنسيئة.