نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 4 صفحه : 252
أبي ذر وثبتت له في نسخة (لمن) ولأبي ذر ممن بالميم بدل اللام (أنت؟ قال: لرجل من قريش فسماه فعرفته) ولم يعرف اسم الراعي ولا صاحب الغنم؟ وذكر الحاكم في الإكليل ما يدل على أنه ابن مسعود. قال الحافظ ابن حجر: وهو وهم (فقلت: هل في غنمك من لبن) بفتح اللام والموحدة وحكى عياض أن في رواية لبن بضم اللام وتشديد الموحدة جمع لابن أبي ذوات لبن (فقال: نعم) فيها (فقلت: هل أنت حالب لي)؟ قال في الفتح: الظاهر أن مراده بهذا الاستفهام أي أمعك إذن في الحلب لمن يمرّ بك على سبيل الضيافة، وبهذا يندفع الإشكال وهو كيف استجار أبو بكر أخذ اللبن من الراعي بغير إذن مالك الغنم، ويحتمل أن يكون أبو بكر لما عرفه عرف رضاه بذلك لصداقته له أو إذنه العام بذلك (قال): الراعي (نعم) أحلب لك. قال أبو بكر -رضي الله عنه- (فأمرته فاعتقل شاة من غنمه) أي حبسها والاعتقال أن يضع رجله بين فخذي الشاة ويحلبها (ثم أمرته أن ينفض ضرعها) أي ثديها (من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفّيه) من الغبار أيضًا (فقال) ولأبي الوقت: قال (هكذا ضرب إحدى كفّيه بالأخرى فحلب كثبة) بضم الكاف وسكون المثلثة وفتح الموحدة أي قدر قدح أو شيئًا قليلاً أو قدر حلبة (من لبن وقد جعلت لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إداوة) ركوة (على فمها) بالميم، ولأبي ذر والأصيلي عن الحموي والمستملي: على فيها (خرقة) بالرفع (فصببت على اللبن) من الماء الذي في الإداوة (حتى برد أسفله) بفتح الموحدة والراء (فانتهيت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في العلامات فوافقته حين استيقظ (فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت) الحديث في شأن الهجرة، وقد ساقه بأتم من هذا السياق في العلامات.
قال ابن المنير: أدخل البخاري هذا الحديث في أبواب اللقطة لأن اللبن إذ ذاك في حكم الضائع المستهلك فهو كالسوط الذي اغتفر التقاطه، وأعلى أحواله أن يكون كالشاة الملتقطة في المضيعة، وقد قال فيها: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" وكذا هذا اللبن إن لم يحلب ضاع، وتعقبه في المصابيح بأنه قد يمنع ضياعه مع وجود الراعي بحفظه وهذا يقدح في تشبيهه بالشاة لأنها بمحل مضيعة بخلاف هذا اللبن والله الموفّق والمعين على إتمام هذا الكتاب والنفع به والإخلاص فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
46 - كتاب في المظالم والغصب
وقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ}: المقنِعُ والمقمِحُ واحد.
(بسم الله الرحمن الرحيم).
(كتاب في المظالم) جمع مظلمة بكسر اللام وفتحها حكاه الجوهري وغيره والكسر أكثر ولم يضبطها ابن سيده في سائر تصرفها إلا بالكسر وفي القاموس، والمظلمة بكسر اللام وكثمامة ما يظلمه الرجل فلم يذكر فيه غير الكسر، ونقل أبو عبيد عن أبي بكر بن القوطية: لا تقول العرب مظلمة بفتح اللام إنما هي مظلمة بكسرها وهي اسم لما أخذ بغير حق والظلم بالضم. قال صاحب القاموس وغيره: وضع الشيء في غير موضعه.
(والغصب) وهو لغة أخذ الشيء ظلمًا، وقيل أخذه جهرًا بغلبة وشرعًا الاستيلاء على حق الغير عدوانًا، وسقط حرف الجرّ لأبي ذر وابن عساكر، والمظالم بالرفع والغصب عطف عليه وسقط لفظ كتاب لغير المستملي وللنسفي كتاب الغصب باب في المظالم. (وقول الله تعالى) بالجرّ عطفًا على سابقه ({ولا تحسبن}) يا محمد ({الله غافلاً عما يعمل الظالمون}) أي لا تحسبه إذا أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم لا يعاقبهم على صنيعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعدّه عدًّا، فالمراد تثبيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو هو خطاب لغيره ممن يجوز أن يحسبه غافلاً لجهله بصفاته تعالى، وعن ابن عيينة تسلية للمظلوم وتهديدًا للظالم ({إنما يؤخرهم}) يؤخر عذابهم ({ليوم تشخص فيه الأبصار}) أي تشخص فيه أبصارهم فلا تقرّ في أماكنها من شدة الأهوال، ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم ومجيئهم إلى المحشر فقال: ({مهطعين مقنعي رؤوسهم}) [إبراهيم: 43] أي رافعي رؤوسهم (المقنع) بالنون والعين (والمقمح) بالميم والحاء المهملة معناهما (واحد) وهو رفع الرأس فيما أخرجه الفريابي عن مجاهد وهو تفسير أكثر أهل اللغة، وسقط قوله المقنع إلى آخره في رواية غير المستملي والكشميهني وزاد أبو ذر هنا: