نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 3 صفحه : 407
(إني أُسرد الصوم)، بضم الراء أي أصوم متتابعًا ولا أفطر (وأصلي الليل) كله (فإما أرسل) عليه الصلاة والسلام (إليّ وإما لقيته) عليه الصلاة والسلام من غير إرسال (فقال):
(ألم أخبر) بضم الهمزة وسكون المعجمة وفتح الموحدة (إنك تصوم ولا تفطر وتصلي)؟ أي الليل (ولا تنام فصم وأفطر) بهمزة قطع (وقم ونم، فإن لعينك) بالإِفراد ولغير السرخسي والكشميهني
كما في الفتح: لعينيك بالتثنية (عليك حظًا) بالظاء المعجمة بدل القاف أي نصيبًا من النوم (وإن لنفسك وأهلك عليك حظًا) بالظاء المعجمة أيضًا وحق النفس الرفق بها والأهل في الكسب والقيام بنفقتهم ولا يدئب نفسه بحيث يضعف عن القيام بما يجب من ذلك (قال) عبد الله (إني لأقوى لذلك) أي لسرد الصوم دائمًا ولابن عساكر إني لأقوى ذلك كذا في اليونينية بإسقاط حرف الجر وفي نسخة على ذلك (قال): عليه الصلاة والسلام: (فصم صيام داود عليه السلام) (قال) عبد الله يا رسول الله (وكيف)؟ أي صيام داود كما في مسلم (قال): عليه الصلاة والسلام (كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفر) أي لا يهرب (إذا لاقى) العدو أشار به إلى أن الصوم على هذا الوجه لا ينهك البدن بحيث يضعف عن لقاء العدو بل يستعان بفطر يوم على صيام يوم فلا يضعف عن الجهاد وغيره من الحقوق. (قال) عبد الله (من لي بهذه) الخصلة الأخيرة وهي عدم الفرار أي من يتكفل لي بها (يا نبي الله. قال عطاء): هو ابن أبي رباح بالإسناد السابق (لا أدري كيف ذكر) بفتحات (صيام الأبد) أي لا أحفظ كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصة إلا أني أحفظ أنه (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (لا صام من صام الأبد مرتين) استدلّ به من قال بكراهة صوم الدهر لأن قوله: لا صام يحتمل الدعاء ويحتمل الخبر.
قال ابن العربي: إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإن كان معناه الخبر فيا ويح من أخبر عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لم يصم وإذا لم يصم شرعًا فلم يكتب له ثواب لوجوب صدق قوله عليه الصلاة والسلام لأنه نفى عنه الصوم وقد نفى عنه الفضل كما تقدم فكيف يطلب الفضل فيما نفاه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأجيب بأجوبة:
أحدها: أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيد والتشريق. قال النووي: وبهذا أجابت عائشة اهـ.
وهو اختيار ابن المنذر وطائفة، وتعقب بأنه عليه الصلاة والسلام قال جوابًا لمن سأله عن صوم الدهر لا صام ولا أفطر وهو يؤذن بأنه لا أجر ولا إثم، ومن صام الأيام المحرمة لا يقال فيه ذلك لأنه عند من أجاز صوم الدهر إلا الأيام المحرمة يكون قد فعل مستحبًا وحرامًا، وأيضًا فإن الأيام المحرمة مستثناة في الشرع غير قابلة للصوم شرعًا فهي بمنزلة الليل وأيام الحيض فلم تدخل في السؤال عند من علم بتحريمها ولا يصلح الجواب بقوله: لا صام ولا أفطر لمن لم يعلم بتحريمها قاله في فتح الباري.
الثاني: أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقًا ويؤيده أن النهي كان خطابًا لعبد الله بن عمرو بن العاصي، وقد ذكر مسلم عنه أنه عجز في آخر عمره وندم على كونه لم يقبل الرخصة.
الثالث: أن معناه الخبر عن كونه لم يجد من المشقّة ما يجد غيره لأنه إذا اعتاد ذلك لم يجد في صومه مشقة، وتعقبه الطيبي بأنه مخالف لسياق الحديث ألا تراه كيف نهاه أولاً عن صيام الدهر كله ثم حثه على صوم داود عليه الصلاة والسلام والأولى أن يكون خبرًا عن أنه لم يمتثل أمر الشرع.
58 - باب صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ
(باب صوم يوم وإفطار يوم).
1978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَقَالَ اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كلِّ شَهْرٍ، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: فِي ثَلاَثٍ".
وبالسند قال (حدّثنا محمد بن بشار) بتشديد المعجمة قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن مغيرة) بن مقسم الضبي الكوفي (قال: سمعت مجاهدًا عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال) له:
(صم من الشهر ثلاثة أيام) زاد في باب صيام الدهر وذلك مثل صيام الدهر (قال) إني (أطيق أكثر من ذلك) فما زال حتى قال: (صم يومًا وأفطر يومًا) زاد في الباب المذكور فذلك صيام داود وهو أفضل
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 3 صفحه : 407