عفوٌ عندنا [1]، ثم لا دليلَ على أنه صلّى في الثوب الذي مسح عنه المَنِيَّ، ولم يَغْسِلْه، فلا دليلَ لهم في الأحاديث، ما لم يأتوا بما تكون صريحةً في أنَّه صلّى في الثوب حال كون المَنِيِّ فيه ولم يَغْسِلْه، واكتفى بالمسح السَّلْت. والعَجَب منهم حيث يحكمون بنجاسة المَذِيِّ، ويُوجِبُون الغُسْلَ بخروج المَنِيِّ، ومع ذلك ذَهَبُوا إلى طهارته [2].
70 - باب أَبْوَالِ الإِبِلِ وَالدَّوَابِّ وَالْغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا
وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِى دَارِ الْبَرِيدِ وَالسِّرْقِينِ، وَالْبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ هَا هُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ.
233 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِى الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ فَهَؤُلاَءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أطرافه 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 - 68/ 1
234 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ. أطرافه 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1693
نُسِبَ إلى البخاري أنَّه اختار في النحاسات: مذهب داود الظاهري، كما نقله الكَرماني. [1] قلت: وبلغني فيه شيء عن الشيخ الكَنْكُوهِي، وأعجبني كلامه: وهو أن الخلاف فيه يُبْنَى على اختلاف آخر، وهو أن النجاسة القليلة مُتَحَمَّلَةٌ في الصلاة عندنا، فإن كانت دون الدرهم لا تُفْسِد الصلاة، وإلَّا أَفْسَدَت؛ بخلافها عند الشافعي رحمه الله. فإنها تُفْسِد عنده مطلقًا، قليلةً كانت أو كثيرةً، حكاه الترمذي في نجاسة الدم عنه رحمه الله، وعلى هذا، لو كان الْمِنيُّ نَجِسًا، لَزِمَ بطلان الصلاة فيما إذا صلَّى في الثوب المَفْرُوك، لأنه يُقَلِّلُه فقط. ولمَّا اكتفى فيه بالفرك، مع أن الفرك لا يزيله بالكلية، وإنما يقلِّله، عُلِمَ أنه طاهرٌ، ونحن نقول: إن الفرك تطهيرٌ لا تقليل، والقليل في نظر الشرع بمنزلة العدم، كما في السبيلين والخُفين وغيرهما. [2] قال ابن العربي في "شرح الترمذي" بعدما بَسَطَ الكلام في وجوه المذاهب، أن الأحاديثَ الصِّحَاح ليس فيها أكثر من أن عائشة قالت: "كنت أَفْرُكُه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". والمراد إزالة عينه. فأمَّا الصلاة به لذلك، فليس بمروي فيها، بل المروي فيه غَسْله عنه، وحديث عائشة رضي الله عنها بزيادة قوله: "فيصلي فيه" من رواية عَلْقَمة والأسود مُتَكَلَّمٌ عليه، وغَمَزَه الدَّارَقُطْني، فلم يبق إلَّا حديث الفَرْك وحده، دون صلاة فيه، فلا حُجَّة فيه كما بيناه، وهذه هي غاية المسألة، انتهى مختصرًا.