الحديث «النوم أخ الموت» فالنوم أشبه الأشياء بالموت، ولذا أَدْخَلَ القرآنُ النومَ والموتَ تحت لفظٍ واحدٍ وهو التَّوَفِي، ثم فرق بينهما فدل على أن فيهما بعضُ اشتراك وبعض امتياز قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: 42] إلخ [1]، والحاصل أن البَرْزَخَ اسم لانقطاع حياة هذا العالمَ وابتداءِ حياةٍ أخرى وكذلك النوم فيه أيضًا نوعُ انقطاعٍ عن هذا العالم.
قوله: (أما المنافق أو المرتاب) هكذا في أكثر الروايات، وفي البعض «أو الكافر» ونُسْخَةٌ فيه «والكافر» بدون الترديد.
ومن ههنا قام البحث في أن السؤال مخصوص بالمنافق أو يُسأل الكافر المجاهر أيضًا؟ ومقتضى تلك النُّسخة أن يكونَ السؤال عن المنافق والكافر كليهما. وتَعرَّضَ إليه السيوطيّ في «شرح الصدور» [2] فقيل: إن السؤال يختص بمن تَزَيّا بِزَيِّهِ ويَدَّعي الإسلام ويلتبس به. أما الكافرُ [1] وللشيخ الإمام صاحب هذه الأمالي رحمه الله تعالى تحقيق في هذه الآية بخلاف هذا في رسالته (تحية الإسلام) فلتراجع (من المصحح). [2] قال السيوطي: قال ابن عبد البر: لا يكونُ السؤال إلّا لمؤمن أو منافقٍ كان منسوبًا إلى دين الإِسلام بظاهرِ الشهادة، بخلاف الكافر فلا يُسأل. قال السيوطي رحمه الله: وأما التصريح في بعض الأحاديث بالكافر فالمراد به المنافق، فإنه لم يجمع بينهما في حديث، وإنما ورد في بعضها المنافق وفي بعضها الكافر بدل المنافق. قلت: وقد ردّ عليه بعض المحققين في شرحه على "العقائد" وقد أجاد وفيه، ونصه هذا: وأما المنافق والكافر فيقال له: "ما كنتَ تقولُ في هذا الرجل، فيقول: لا أدري كنتُ أقولُ ما يقول الناس" ... الحديث. حيث جمع بين المنافق والكافر بواو العطف، والأصل في العطف المتغايرة، فيدل على أن كلًا من المنافق والكافر الذي لم ينطق بالكلمة وقد بلغته الدعوة يسأل، ويؤيده قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 27] حيث ذكر الظالمين في مقابلة الذين آمنوا، والظالم يعم الكَافر والمنافق. وقول تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] فقد أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند حسن وابن حبان في "صحيحه" وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "وأما الكافر فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به؟ فلا يهتدي لاسمه، إلى أن قال: فيضيقُ عليه قبرُه حتى يختلف أضَلاعه، فذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} .. الحديث فإن من أعرض عن ذكر الله لا يختص بالمنافق، بل يعم كلُّ من بلغتُه دعوةُ الإِسلام ولم يُصدِّق، مع أن الحديث بلفظ: "وأما الكافر" الشامل للمنافق وغيره فتخصيصه بأهل الشك من أهل القبلة كما نقله السيوطي رحمه الله عن حماد بن سلمة وأبي عمر الضرير - لا موجبَ له ويزيده، تأييدًا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31] الآية، فقد أخرج الإمام أحمد رحمه الله بسند رجاله رجال الصحيح والحاكم وصححه وغيرهما من حديث البراء الطويل رفعه: "وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا إلى أن قال: فيقول: الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يطرح روحه طرحًا ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فيعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك، فيقول: هاه هاه لا أدري: الحديث فإن الآية بلفظ: "الكافر" وأَما ما رواه البخاري في باب خفق النعال من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "وأمنا الكافر أو المنافق" فلا ينافي رواية الواو، لأن الترديد إما للشك أو لمنع الخلو، فإن كان الأول فالمحفوظ "أما الكافر" فهو صريح في المقصود "أو المنافق" فلا دلالة في الحديث على الانحصار فيه، إذ غايته إفراد المنافق بالذكر، وهو لا ينافي أن =