موضع، لم يكن موضع الخطأ غضب عليه، وإن كان موضعُ الاجتهاد، أغمض عنه، وستأتي عليك نظائره.
(أعلمكم بالله أنا) فمن كان علمه زائدًا كانت عبادتُهُ أيضًا مَرضِيَّة، لأن العبادةَ اسمٌ للطاعة حسب رضى المطاع، فمن كان أزيد علمًا برضى المطاع، كان أفضلُ عبادةً، فإن التقرب يتوقف على معرفة رضاء المطاع، والزمان، والمكان، لا على تَحمُّل المشقة؛ فإن الشيءَ الواحدَ قد يكون أرضى لأحد، ولا يكون اخر، وكذا يكون أرضى له بزمان، دون زمان. فمعرفة هذه الأشياء هي الأهم، فإن الصلاة مشهودةٌ محضورةٌ، وهي عند الطلوع والغروب. مردودةٌ محظورة، فاعلمه فإن الطبائِعَ السافلة يتحرون الفضل في تحمّلِ المشاق، ولذا قيل: إن بعض الأولياء وإن كانوا أزيدَ طاعة كمًا، لكنهم أنقصَ كيفًا عن الأنبياء بمراتب لا تحصى.
كما عند الترمذي في كتاب الدعوات [1]: أن بعضهم كان يسبح الله في كل يوم مئة ألف مرة. وكان أبو يوسف رحمه الله يُصلي مئتي ركعة كل يوم في زمن قضائه، ولا حاجة لنا إلى ذكر ما عند الأولياء من إحياء الليالي وقيامها، وترك الاستراحة، والتبتل إلى الله عز وجل، والاعتزال عن الناس، فإنها أغنى عن البيان.
(وأتقاكم) أي تحرزًا عن الشبهات والمناهي، وتصديًا إلى تقرب الله تعالى.
14 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ.
21 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ». أطرافه 16، 6041، 6941 - تحفة 1255
والأَوْلى أن يجعل الجملة بألفاظِهَا مبتدأ، ومن الإيمان خبره. وأراد به البخاري رحمه الله تعالى الردَّ على من ظن أن الاجتنابَ عن الكفر لا يكون إلا بعد تمامية حقيقة الإيمان، كباب المفسدات في الفقه، فإنه يكون بعد باب صفة الصلاة، فهكذا الاجتنابُ لا ينبغي أن يكون بعده، فنبَّه على أنه مع كونه بعد الإيمان من الإيمان.
15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِى الأَعْمَالِ.
22 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، [1] رواه في باب ما جاء في الدعاء إذا انتبه من الليل قال: كان عمير بن هانىء يصلي كل يوم ألف سجدة، ويسبح مائة ألف تسبيحة اهـ.