المبحث الثاني: مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي من حيث العمل بها: المطلب الأول: السنة كالقرآن من حيث وجوب العمل بها:
الواجب على المسلمين جميعاً ألا يفرقوا بين القرآن والسنة، من حيث وجوب الأخذ بهما كليهما، وإقامة التشريع عليهما معاً، فإن هذا هو الضمان لهم أن لا يميلوا يميناً ويساراً، وأن لا يرجعوا القهقرى ضلالاً، كما أفصح عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه الحاكم بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع، فقال: "قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكم، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروا، يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنة نبيه ... ".
ثم قال الحاكم بعد روايته لهذا الحديث: "قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بأبي أويس، وسائر رواته متفق عليهم، وهذا الحديث لخطبة النبي صلى الله عليه وسلم متفق على إخراجه في الصحيح: "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم مسؤولون عني فما أنتم قائلون" [1] . ووافقه الذهبي في تلخيصه على ذلك الحكم؛ وقال: "له أصل في الصحيح" [2] . والحديث الذي ذكره الحاكم، وأشار الذهبي إلى أن أصله [1] المستدرك على الصحيحين في الحديث 1/93. [2] المستدرك على الصحيحين في الحديث 1/93.