في الصحيح، رواه مسلم من حديث طويل [1] ، ورواه مالك في الموطأ بلاغاً، ولكن يشهد له حديث الحاكم السابق، ولفظ مالك: "تركت فيكم أمرين؛ لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض" [2] .
كما روى الحاكم أثراً عن أبي بن كعب أنه لما وقع الناس في أمر عثمان رضي الله عنه سئل أبي بن كعب: ما المخرج من هذا الأمر؟ قال: "كتاب الله وسنة نبيه، ما استبان لكم فاعملوا به، وما أشكل عليكم فكِلُوه إلى عالمه" [3] .
وبعد أن سقت الأدلة التي تبين حجية السنة، في الفصل الثالث، يتضح لنا ثمرة ذلك الفصل، ونتيجته التي تترتب عليه؛ ألا وهي: أن السنة يجب العمل بها، ولم يختلف العلماء في هذه النتيجة. وقد لخص مصطفى السباعي خلاصة أقوال العلماء في ذلك فقال: "والسنة إما متواترة أو آحاد، وقد اتفق العلماء على أن المتواتر يفيد العلم والعمل معاً، وهو عندهم حجة لا نزاع فيها، إلا عمن ينكر السنة.... وأما خبر الآحاد فالجمهور على أنها حجة يجب العمل بها، وإن أفادت الظن.... وذهب قوم، منهم الإمام أحمد، والحارث بن أسد المحاسبي، والحسين بن علي الكرابيسي، وأبو سليمان الخطابي، وروي عن مالك: أنه قطعي موجب للعلم والعمل معاً. ولكل من الفريقين أدلة بسطت في كتب الأصول، والمهم أنهم جميعاً متفقون على حجية أخبار الآحاد، [1] رواه مسلم في صحيحه 2/886-892، في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث رقم 1218. [2] الموطأ 2/899، كتاب القدر، باب النهي عن القول في القدر، الحديث رقم 3. [3] المستدرك 3/303.