وقد ورد أيضاً عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم "إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه" [1] .
ومن اجتهاداته صلى الله عليه وسلم قضاؤه لفاطمة بنت قيس أن تعتد عند أم شريك ثم رجوعه عن ذلك بقضاء آخر لمصلحة رآها [2] .
رابعاً: اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية:
اختلف العلماء في اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية والفتاوي في الأمور الدينية، ولكن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في الأحكام الشرعية والفتاوي في الأمور الدينية عندما ينقطع طمعه في العثور على النص، ولولم يرد الله سبحانه له الاجتهاد لبادر بالوحي في كل حادثة تَعْرِض له، ولسارع بجوابه في كل سؤال يوجه إليه. ولكن الوحي يتأخر، والحادثة ملحَّة تطلب الحل، ولا يجد الرسول صلى الله عليه وسلم أمامه إلا الاجتهاد في إطار ما نزل عليه من النصوص، وما فهمه من مقاصد الشريعة، ويجتهد ويصيب حكم الله في كثير من الوقائع التي اجتهد فيها، وقليلاً ما كان يغلب على ظنه حكم يكون غيره أولى منه، ومع هذا لا يغلق الله أمامه باب الاجتهاد بإنزال النص، بل يتركه يمارس الاجتهاد، ويُقَلِّب الآراء، بل ويصدر الحكم. فيأتي بعد هذا وحيُ الله إليه منبهاً له إلى الحكم الأفضل، فلا يُقَرُّ على الخطأ، ولكن الله يبين له وجه الحق والصواب في مثل هذه [1] هذه الرواية من حديث أم سلمة رضي الله عنها أخرجها أبو داود (3583) في كتاب الأقضية، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، وأصل الحديث في الصحيحين كما في التعليق السابق. [2] إشارة إلى حديث رواه الإمام مسلم (2942) في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قصة الجسّاسة.