وحي فيه [1] . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بأمور دنياكم" ينطق صراحة بأن الأمور التي ترجع إلى الخبرة والتجربة والشؤون الدنيوية كبعض الأفعال الخاصة بالتجارة والزراعة لا يجب الاقتداء فيها والناس أدرى بأحوالهم ومجريات أمورهم [2] .
ثانياً: اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمور الحربية:
كما حصل في يوم بدر وموافقته لرأي الحباب بن المنذر رضى الله عنه: قال ابن اسحاق: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يبادر قريشاً إلى الماء حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به. فجاء الحباب رضي الله عنه بين الجموع. قال يا رسول الله: "أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء، من القوم فننزله ونغور ما وراءه من القُلَب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أشرت بالرأي" وفعل ما أشار به الحباب بن المنذر رضي الله عنه [3] .
وهذا النوع من الاجتهاد فيه دلالة صريحة على أنه ليس تشريعاً؛ لأنه [1] شرح النووي على صحيح مسلم (5/15/116) دار الريان، ط. الأولى 1407?. [2] أصول الفقه للبرديسي / 209. [3] انظر: سيرة ابن هشام (2/312-313) مكتبة المنار، ط. الأولى 1409? والمستدك للحاكم (3/446-447) والسنة النبوية في ضوء المصادر الأصلية / د. مهدي رزق الله (ص 345) مركز الملك فيصل للبحوث 1412? ط. الأولى.