وصفه بالحافظ فيقولون مثلا: حافظ، وهو ضعيف، والكلام في الإطلاق لا التقييد.
فهناك فرق بين إطلاق (حافظ) دون تقييد، وبين إطلاقها مع التعقيب عليها!؛ فالأصل أن إطلاق المحدث على راو أنه (حافظ) أي تام الضبط، إلا أنهم قد يريدون بـ (الحافظ) المكثر من المحفوظات، وحينها ينبهون على ذلك، فيعقبون على (حافظ) بقولهم (وله أوهام) أو (وله مناكير) ونحو ذلك من الألفاظ.
قال الشيخ العوني في "شرح الموقظة" (ص/186): (الأصل فيمن وصف بالحافظ أن يكون قد جمع مع الحفظ العدالة، وهذا خلاف ما قرره بعض المتأخرين من أن الراوي إذا وصف بأنه حافظ لا يحتج بحديثه؛ لاحتمال أن يكون غير عدل، وهذا خطأ، بل الصحيح أن من لم نجد فيه إلا الوصف بأنه حافظ فإنه حجة؛ لأنهم لا يطلقون هذا الوصف (دون قيد) إلا إذا أرادوا أنه قد جمع العدالة والضبط، بل يريدون ذلك .. وزيادة كما بيَّن الإمام الذهبي هنا. لكن إذا قالوا: (حافظ، وهو ضعيف) فهو خارج عن التقرير السابق؛ لأنه لميُطلق عليه لفظ الحفظ. بل مثل هذا الحكم وهو التضعيف مع الوصف بالحفظ لا يكون غالبا إلا في حق من كان ضعفه شديد؛ لأنه سيكون مطعونا في عدالته. وهذا كما وقع في حق بعض الحفاظ الكبار كسليمان بن داود الشاذكوني، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبي الفتح الأزدي).
وهذا هو الظاهر من كلام الذهبي في مقولته السابقة - (تُشتَرَطُ العدالةُ في الراوي كالشاهد، ويمتازُ الثقةُ بالضبطِ والإتقان، فإن انضاف إلى ذلك المعرفةُ والإكثارُ، فهو حافظ) - ومن خلال منهجه في تذكرة الحفاظ، ويؤيد ذلك أن المعنى اللغوي لكلمة حافظ تدل على استظهار ما حفظه، قال ابن سيده: (الحفظ نقيض النسيان، وهو التعاهد وقلة الغفلة)؛ فعلى هذا لا يصح أن يُقال على من أكثر من القراءة في الكتب أنه (حافظ)، ولا على من أكثر من السماع من شيخه!، وإنما تُقال لمن يستظهر العلوم في صدره!، ولابد من وجود علاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي.
المسألة الثانية:
فرَّق أبو هلال العسكري في معجم الفروق اللغوية بين الإتقان والإحكام، فقال