وقال السخاوي: " وجرحه بهذا تعسف ظاهر، وقد وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما كالنسائي وابن حبان، وقال الدارقطني: إنه صدوق " [1].
لذا نجد الإمام البخاري قد احتج به في صحيحه. روى له حديثين أحدهما: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في تعويذ الحسن والحسين [2]، وثانيهما في تفسير سورة فصلت [3]. وروى له تعليقاً من طريق شعبه نفسه [4] وفيه دليل على أن شعبة لم يترك الرواية عنه وذلك إما بما لعله سمعه منه قبل ذلك، أو لزوال المانع منه عنده.
ومن ذلك أيضاً ما رواه الخطيب عن شعبة قال: " لقيت ناجية الذي روى عنه أبو إسحاق فرأيته يلعب بالشطرنج فتركته فلم أكتب عنه، ثم كتبت عن رجل عنه ".
قال الخطيب: " ألا ترى أن شعبة في الابتداء جعل لعبه بالشطرنج مما يجرحه، فتركه، ثم استبان له صدقه في الرواية، وسلامته من الكبائر، فكتب عنه نازلاً " [5].
قال السخاوي في "فتح المغيث" ([2]/ 6): (وما أحسن قول الزنجاني في شرح (الوجيز): " المروءة يرجع في معرفتها إلى العرف، فلا تتعلق بمجرد الشرع، وأنت تعلم أن الأمور العرفية قلما تضبط، بل هي تختلف باختلاف الأشخاص والبلدان، فكم من بلد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعد خرما للمروءة. وفي الجملة رعاية مناهج الشرع وآدابه، والاهتداء بالسلف، والاقتداء بهم أمر واجب الرعاية ". قال الزركشي: " وكأنه يشير بذلك إلى أنه ليس المراد سيرة [1] المرجع نفسه ص 330. [2] أخرجه البخاري في: كتاب أحاديث الأنبياء، في قصة إبراهيم. حديث رقم (3371) ج6 ص470 مع الفتح. [3] أخرجه البخاري في: كتاب التفسير، سورة حم السجدة ج8 ص418 مع الفتح. [4] أخرجه البخاري في: كتاب الذبائح والصيد، باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة، حديث رقم (5515)، ج9 ص558. [5] الكفاية ص139.