الطرقات، والبول قائماً، والانبساط إلى الخلق [1] في المداعبة والمزاح، وكل ما قد اتفق على أنه ناقص القدر والمروءة، ورأوا أن فعل هذه الأمور يسقط العدالة ويوجب رد الشهادة [2].
قال الخطيب: والذي عندنا في هذا الباب رد خبر فاعلي المباحات إلى العالم، والعمل في ذلك بما يقوى في نفسه فإن غلب على ظنه من أفعال مرتكب المباح المسقط للمروءة أنه مطبوع على فعل ذلك، والتساهل به، مع كونه ممن لا يحمل نفسه على الكذب في خبره وشهادته، بل يرى إعظام ذلك وتحريمه، والتنزه عنه قبل خبره، وإن ضعفت هذه الحال في نفس العالم واتهمه عندها، وجب عليه ترك العمل بخبره ورد شهادته " [3].
فالأمر إذن موكول إلى الناقد، فإن أكثر الشخص من الأفعال المخلة بالمروءة وتكرر منه ذلك وأعلن به في الناس كان ذلك دليلاً على السفه وخفة العقل ورقة الدين، وهذا مما يسقط العدالة ويوجب رد الرواية.
ومما يؤيد ما ذهب إليه الخطيب البغدادي - رحمه الله - من رد خبر فاعلي المباحات إلى العالم - صنيع الأئمة النقاد ومنهم الإمام البخاري - رحمه الله -.
فهذا المنهال بن عمرو تركه شعبة، لما سمع في داره صوت الطنبور [4]، وفي رواية أخرى أنه سمع قراءة لحان، فكره السماع منه [5]. قال ابن القطان: " هذا ليس بجرحه إلا أن يتجاوز إلى حد يحرم، ولم يصح ذلك عنه " [6]. [1] وردت في المطبوع (الخرق) ولعل الصواب ما أثبته. [2] ((قال السخاوي في فتح المغيث (1/ 291): [وما أحسن قول الزنجابي في شرح الوجيز المروة يرجع في معرفتها إلى العرف فلا تتعلق بمجرد الشارع وأنت تعلم أن الأمور العرفية قلما تضبط بل هي تختلف باختلاف الأشخاص والبلدان فكم من بلد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعد خرما للمروءة. وفي الجملة رعاية مناهج الشرع وآدابه والاهتداء بالسلف والاقتداء بهم أمر واجب الرعاية قال الزركشي وكأنه يشير بذلك إلى انه ليس المراد سيرة مطلق الناس بل الذين نقتدي بهم وهو كما قال] [3] الكفاية علم الرواية ص139. [4] المصدر نفسه ص140. [5] فتح المغيث: ج1 ص329. [6] المرجع نفسه ص330.