والمعتزلة ـ لتغليبهم الوعيد على الوعد , والعدل على الرحمة , والعقل على النقل ـ أعرضوا عن هذه الأحاديث , مع قوة ثبوتها , ووضوح دلالتها.
وكانت شبهتهم في ردها: أنها تعارض القرآن الذي نفى شفاعة الشافعين.
ومن قرأ القرآن لم يجد فيه إلا نفي (الشَّفَاعَةَ الشِّرْكِيَّةَ) التي كان يعتقدها المشركون من العرب , والمحرفون من أصحاب الديانات الأخرى.
زعم المشركون أن آلهتهم ـ التي يدعون من دون الله أو مع الله ـ تملك أن تشفع لهم عند الله , وتدفع عنهم العذاب , كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18].
ولكن القرآن أبطل هذه الشفاعة المزعومة , وان آلهتهم لا تغني عنهم من الله شيئًا , يقول الله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر: 43، 44]، {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 81، 82].
أجل , نفى القرآن أن تكون للآلهة الزائفة شفاعة , وأن يكون للمشركين شفيع يطاع , كما قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] والقرآن [1] متفق عليه عن أنس، " اللؤلؤ والمرجان " (122). [2] متفق عليه عن أبي سعيد، " اللؤلؤ والمرجان ": (115). [3] رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة - " صحيح الجامع (5176).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 121