وكل ما سواه فهو مربوب مصنوع مفطور فقير محتاج معبّد مقهور، وهو سبحانه الواحد القهار الخالق البارئ المصور" [1].
وأما القنوت، فقال تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [2].
والمقصود أن هذه الآيات تؤكد أن جميع المخلوقات، الحيوانات منها والنباتات، ناطقها وجامدها، تسبح الله وتمجده وتقدسه وتصلي له وتوحده [3].
وهذه العبادة من هذه المخلوقات آية من آيات الله العظيمة حين يتصور القلب أن كل حصاة وكل حجر، وكل حبة وكل ورقة، وكل زهرة وكل ثمرة، وكل نبتة وكل شجرة، وكل حيوان وكل إنسان، وكل دابة على الأرض وكل سابحة في الماء والهواء، وكل سكان الأرض والسماء، كلها تسبح الله وتتوجه إليه في علاه.
ولقد أنكر هذه العبودية طائفة من الناس بحجة أن هذه الكائنات لا تعقل ولا تدرك وليس لها أي عبودية لله -عز وجل-، وما ورد في النصوص من سجود هذه الكائنات أو تسبيحها أو نحو ذلك اضطر إلى القول فيها بالتأويل [4] أو المجاز [5]. فقالوا عن سجود الشمس في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا [1] العبودية: 104. [2] الروم: 26. [3] انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 302، 330، 344، 357، 363، 374، ورسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى لابن تيمية: 3. [4] المراد به هنا: صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح. انظر: التعريفات: 112، ومجموع الفتاوى: 5/ 35، 13/ 288، ومختصر الصواعق المرسلة لابن القيم اختصره محمد بن الموصلي، تحقيق: الحسن العلوي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1: 1/ 22. [5] المجاز: اسم لما أريد به غير ما وضع له لمناسبة بينهما. انظر: التعريفات: 283، أسرار البلاغة في علم البيان للجرجاني، تحقيق: محمد رشيد رضا وأسامة صلاح الدين منيمة، دار إحياء العلوم، بيروت، ط1: 437 - 438، ومختصر الصواعق المرسلة: 2/ 690.