لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [1]: أن الذي يسجد هو الملك الموكل بها، وتأويل السجود بدلالة تلك الموجودات على أنها مسخرة بخلق الله، فأستعير السجود لحالة التسخير والانقياد.
وعن تسبيح الجبال في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [2]، أن الجبال لم تسبح ولم تردد مع داود -عليه السلام-، إنما الأمر أن الجبال كانت تمشي مع داود -عليه السلام- فكان كل من رآها كذلك سبح، إلى غير ذلك من التأويلات الباطلة [3].
والقول بالمجاز وتأويل النصوص الشرعية على غير مرادها مخالف لهدي السلف الصالح بل فيه محادة لله تعالى ورسوله في نفي آيات الله تعالى المنزلة وتعطيل معناها. ومخالف لما يجب أن يكون عليه المؤمنون تجاه النصوص الشرعية، حيث إنهم مأمورون بالتسليم لها والإيمان بها وعدم الخوض في الكيفية ما دام قد ثبت صحة النص، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [4]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [5]. والآيات في هذا المعنى كثيرة. [1] الحج: 18. [2] سبأ: 10. [3] انظر: زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط4،: 4/ 319، 453 - 454، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي، تحقيق: محمد المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1: 4/ 69، 243، ومفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان داودي، دار القلم، دمشق، ط2: 393، 396. [4] النور: 51. [5] الأحزاب: 36.