نام کتاب : الأساليب والإطلاقات العربية نویسنده : المنياوي، أبو المنذر جلد : 1 صفحه : 14
فالحاصل أن العرب تطلق هذا اللفظ، وتريد به تارة المكان، وتارة السكان، والسياق هو الذي يحدد ذلك، وليس هذا اللفظ مجازا، وإنما أسلوب من أساليب العربية المعروفة [1].
وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ} ليس المراد به أن للذل جناحا، بل المراد بالآية الكريمة كما يدل عليه كلام جمع من المفسرين أنها من إضافة الموصوف إلى صفته، فيكون المعنى "واخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة"، وقد ورد ما يدل على ذلك في كلام العرب كقولهم "حاتم الجود" أي الموصوف بالجود، ووصف الجناح بالذل، مع أنه صفة الإنسان، لأن البطش يظهر برفع الجناح، والتواضع واللين يظهر بخفضه فخفضه كناية عن لين الجانب، وإضافة صفة الإنسان لبعض أجزائه أسلوب من أساليب العربية كما في هذا المثال، وكما في قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}، والمراد: صاحب الناصية [2]، والله أعلم.
وأما قوله تعالى: {جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فلا مجاز فيه من وجهين:
أحدهما: أن المراد بالإرادة هنا إرادة حقيقية، لأن للجمادات إرادة حقيقية، لا نعلمها، وإنما يعلمها الله عز وجل ومما يؤيد ذلك سلام الحجر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - [3]، وحنين الجذع الذي كان يخطب عليه لما تحول عنه إلى المنبر [4]، وهذا كله ناشئ عن إرادة يعلمها الله تعالى وإن لم نعلمها، كما في قوله [1] - انظر: 7/ 112 - 113، 20/ 463 من الفتاوى، ص108 من الإيمان، 2/ 302 - 303 من
مختصر الصواعق المرسلة. [2] - انظر في ذلك كله: 20/ 465 من الفتاوى، 2/ 252 من مختصر الصواعق، ص58 - 59 من مذكرة الشنقيطي، والأسلوب رقم (120) في رسالتنا الأساليب. [3] - يشير إلى ما رواه مسلم (4/ 1782) (2277)، وغيره عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن). [4] - قال الكتاني في نظم المتناثر (ص/ 302): [حنين الجذع: أورده في الأزهار من حديث سهل بن سعد، وجابر بن عبدالله، وابن عمر، وأبي بن كعب، وبريدة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأنس، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة السمهي عشرة أنفس ... ].
نام کتاب : الأساليب والإطلاقات العربية نویسنده : المنياوي، أبو المنذر جلد : 1 صفحه : 14