وفي سنة اثنتين وستين ومائة خرجت طائفة بجرجان [1] فلبسوا الحمرة شعارا لهم فغزاهم عمرو بن العلاء من طبرستان وقهرهم فأبادهم جميعا [2]. وفي سنة تسع ومائتين جرت حروب مع بابك الخرّمي فأسر بعض أمراء الإسلام وأحد مقدّمي العساكر فاشتد ذلك على المسلمين [3]. وفي سنة تسع عشرة ومائتين ظهر محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بالطالقان من خراسان يدعو إلى الرضى من آل محمد واجتمع عليه خلق كثير، وقاتله قواد عبد الله بن طاهر [4] مرات متعددة ثم ظهروا عليه وهرب [5]. وهكذا تبين من خلال هذا العرض التاريخى لمسرح الأحداث في خراسان في فترات من الزمن الذي عاصره أبو عبيد مدى ضراوة الوضع السياسي والأمني لتلك البلاد ولم يكن القاسم بن سلّام أيام إقامته بخراسان بمعزل عن الأحداث بل كان قريبا من وهجها فلقد كان مؤدبا لآل هرثمة [6]، وهرثمة هذا هو ابن أعين [7] الذي دخل خراسان نائبا عليها [1] جرجان: بالضم وآخره نون مدينة عظيمة مشهورة بين طبرستان وخراسان وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا منها. (معجم البلدان 2/ 119). [2] البداية والنهاية 10/ 135. [3] المرجع السابق 10/ 263. [4] عبد الله بن طاهر بن الحسين أبو العباس الخزاعي، كان المأمون ولاه الشام حربا وخراجا فخرج من بغداد إليها واحتوى عليها وبلغ إلى مصر ثم عاد، فولاه المأمون إمارة خراسان فخرج إليها وأقام بها حتى مات، وكان أحد الأجواد الممدّحين والسمحاء المذكورين، توفي بنيسابور سنة ثلاثين ومائتين وعمره ثمان وأربعون سنة.
(تاريخ بغداد 9/ 483 - 489). [5] البداية والنهاية 10/ 282. [6] انظر: إنباه الرواة على أنباء النحاة للقفطي 3/ 13. [7] هرثمة بن أعين: مولى بني ضبة، أحد القواد الكبار في دولة بني العباس ولي في عهد المهدي والرشيد والمأمون فعرف بالنصح لبني العباس والقدرة على سياسته من تحت يده، ولّاه الرشيد بلاد إفريقيا فسار بهم سيرة حسنة ثم الموصل ثم خراسان، ثم أصبح قائدا للمأمون فاستعان به على إخماد الثورات والفتن، وفي سنة مائتين وشي به عند المأمون فأمر بسجنه ثم دس له السم فمات بعد أيام من سجنه.
انظر: (الكامل في التاريخ 5/ 70، 96، 107، 126، 179).