نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 5 صفحه : 78
ذلك، وقال بعضهم: هي هنا مرادفة لعند وهو أحد معانيها المشهورة إلا أنه لا يخفى بعده وإن قيل حاصل المعنى حينئذ أنزل عليه أُولئِكَ أي المنعوتون بتلك النعوت الجليلة هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي هم الفائزون بالمطلوب لا المتصفون بأضداد صفاتهم، وفي الإشارة إشارة إلى علية تلك الصفات للحكم، وكاف البعد للإيذان ببعد المنزلة وعلو الدرجة في الفضل والشرف، والمراد من الموصول المخبر عنه بهذه الجملة عند ابن عباس رضي الله تعالى عنه اليهود الذين آمنوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: ما يعمهم وغيرهم من أمته عليه الصلاة والسلام المتصفين بعنوان الصلة إلى يوم القيامة والاتصاف بذلك لا يتوقف على إدراكه صلّى الله عليه وسلّم كما لا يخفى وهو الأولى عندي.
وادعى بعضهم أن المراد من الموصول في قوله تعالى: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ المعنى الأعم أيضا وجعله ابن الخازن قول جمهور المفسرين، وفيه ما فيه ومما يقضي منه العجب كون المراد منه اليهود الذين كانوا في زمن موسى عليه السلام، والجملة متفرعة على ما تقدم من نعوته صلّى الله عليه وسلّم الجليلة الشأن، وقيل: على كتب الرحمة لمن مر، وذكر شيخ الإسلام أنها تعليم لكيفية اتباعه عليه السلام وبيان علو رتبة متبعيه واغتنامهم مغانم الرحمة الواسعة في الدارين إثر بيان نعوته الجليلة والإشارة إلى إرشاده عليه الصلاة والسلام وإياهم بما في ضمن يَأْمُرُهُمْ إلخ، وجعل الحصر المدلول عليه بقوله سبحانه: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بالنسبة إلى غيرهم من الأمم ثم قال: فيدخل فيهم قوم موسى عليه السلام دخولا أوليا حيث لم ينجوا عما في توبتهم من المشقة الهائلة، وهو مبني على ما سلكه في تفسير الآيات من أول الأمر ولا يصفو عن كدر قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً لما حكى ما في الكتابين من نعوته صلّى الله عليه وسلّم وشرف من يتبعه على ما عرفت، أمر عليه الصلاة والسلام بأن يصدع بما فيه تبكيت لليهود الذين حرموا أتباعه وتنبيه لسائر الناس على افتراء من زعم منهم أنه صلّى الله عليه وسلّم مرسل إلى العرب خاصة، وقيل: إنه أمر له عليه الصلاة والسلام ببيان أن سعادة الدارين المشار إليهما فيما تقدم غير مختصة بمن اتبعه من أهل الكتابين بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من كان وذلك ببيان عموم رسالته صلّى الله عليه وسلّم وهي عامة للثقلين كما نطقت به النصوص حتى صرحوا بكفر منكره وما هنا لا يأبى ذلك، والمفهوم فيه غير معتبر عند القائل به لفقد شرطه وهو ظاهر الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ في موضع نصب بإضمار أعني أو نحوه أو رفع على إضمار هو.
وجوز أن يكون في موضع جر على أنه صفة للاسم الجليل أو بدل منه، واستبعد ذلك أبو البقاء لما فيه من الفصل بينهما، وأجيب بأنه مما ليس بأجنبي وفي حكم ما لا يكون فيه فصل ورجح الأول بالفخامة إذ يكون عليه جملة مستقلة مؤذنة بأن المذكور علم في ذلك أي اذكر من لا يخفى شأنه عند الموافق والمخالف، وقيل: هو مبتدأ خبره لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وهو على الوجوه الأول بيان لما قبله وجعله الزمخشري مع ذلك بدلا من الصلة وقد نص على جواز هذا النحو سيبويه وذكر العلامة أن سوق كلامه يشعر بأنه بدل استعمال، ووجه البيان أن من ملك العالم علويه وسفليه هو الإله فبينهما تلازم يصحح جعل الثاني مبينا للأول وليس المراد بالبيان الإثبات بالدليل حتى يقال الظاهر العكس لأن الدليل على تفرده سبحانه بالألوهية ملكه للعالم بأسره مع أنه يصح أن يجعل دليلا عليه أيضا فيقال الدليل على أنه جل شأنه المالك المتصرف في ذلك انحصار الألوهية فيه إذ لو كان إله غيره لكان له ذلك، واعترض أبو حيان القول بالبدلية بأن إبدال الجمل من الجمل غير المشتركة في عامل لا يعرف، وتعقب بأن أهل المعاني ذكروه وتعريف التابع بكل ثان أعرب بإعراب سابقه ليس بكلي، وقوله سبحانه: يُحيِي وَيُمِيتُ لزيادة تقرير إلهيته سبحانه، وقيل:
لزيادة اختصاصه تعالى بذلك وله وجه وجيه والفاء في قوله عز شأنه: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لتفريع الأمر على ما تقرر من رسالته صلّى الله عليه وسلّم وإيراد نفسه الكريمة عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة على طريق الالتفات إلى الغيبة للمبالغة في
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 5 صفحه : 78