responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 77
عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ فسر الأول بالأشياء التي يستطيبها الطبع كالشحوم، والثاني بالأشياء التي يستخبثها كالدم، فتكون الآية دالة على أن الأصل في كل ما تستطيبه النفس ويستلذه الطبع الحل وفي كل ما تستخبثه النفس ويكرهه الطبع الحرمة إلا لدليل منفصل، وفسر بعضهم الطيب بما طاب في حكم الشرع والخبيث بما خبث فيه كالربا والرشوة.
وتعقب بأن الكلام حينئذ يحل ما يحكم بحله ويحرم ما يحكم بحرمته ولا فائدة فيه. وردوه بأنه يفيد فائدة وأي فائدة لأن معناه أن الحل والحرمة بحكم الشرع لا بالعقل والرأي، وجوز بعضهم كون الخبيث بمعنى ما يستخبث طبعا أو ما خبث شرعا وقال كالدم أو الربا ومثل للطيب بالشحم وجعل ذلك مبنيا على اقتضاء التحليل سبق التحريم والشحم كان محرما عند بني إسرائيل، وعلى اقتضاء التحريم سبق التحليل وجعل الدم وأخيه مما حرم على هذا لأن الأصل في الأشياء الحل، ولا يرد أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة: 275] لأنه لرد قولهم إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [البقرة:
275] أو لأن المراد ابقاؤه على حله لمقابلته بتحريم الربا. ودفع بهذا ما توهم من عدم الفائدة وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ أي يخفف عنهم ما كلفوه من التكاليف الشاقة كقطع موضع النجاسة من الثوب أو منه ومن البدن، وإحراق الغنائم، وتحريم السبت، وقطع الأعضاء الخاطئة، وتعين القصاص في العمد والخطأ من غير شرع الدية فإنه وإن لم يكن مأمورا به في الألواح إلا أنه شرع بعد تشديدا عليهم على ما قيل، وأصل الأصر الثقل الذي يأصر صاحبه عن الحراك، والاغلال جمع غل بضم الغين وهي في الأصل كما قال ابن الأثير الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ويقال لها جامعة أيضا، ولعل غير الحديد إذا جمع به يد إلى عنق يقال له ذلك أيضا، والمراد منهما هنا ما علمت وهو المأثور عن كثير من السلف، ولا يخفى ما في الآية من الاستعارة.
وجوز أن يكون هناك تمثيل، وعن عطاء كانت بنو إسرائيل إذا قامت تصلي لبسوا المسوح وغلوا أيديهم إلى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها على السارية يحبس نفسه على العبادة وعلى هذا فالأغلال يمكن أن يراد حقيقته، وقرأ ابن عامر «آصارهم» على الجمع وقرأ «آصرهم» بالفتح على المصدر وبالضم على الجمع أيضا فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أي صدقوا برسالته ونبوته وَعَزَّرُوهُ أي عظموه ووقروه كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقال الراغب: التعزير النصرة مع التعظيم، والتعزير الذي هو دون الحد يرجع إليه لأنه تأديب والتأديب نصرة لأن أخلاق السوء أعداء ولذا
قال في الحديث: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقيل كيف أنصره ظالما؟ فقال عليه الصلاة والسلام: تكفه عن الظلم»
وأصله عند غير واحد المنع والمراد منعه حتى لا يقوى عليه عدو، وقرىء «عزروه» بالتخفيف وَنَصَرُوهُ على أعدائه في الدين وعطف هذا على ما قبله ظاهر على ما روي عن الحبر وكذا على ما قاله الجمع إذ الأول عليه من قبيل درء المفاسد وهذا من قبيل جلب المصالح، ومن فسر الأول بالتعظيم مع التقوية أخذا من كلام الراغب قال هنا نصروه لي أي قصدوا بنصره وجه الله تعالى وإعلاء كلمته فلا تكرار خلافا لمن توهمه وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ وهو القرآن وعبر عنه بالنور لظهوره في نفسه بإعجازه وإظهاره لغيره من الأحكام وصدق الدعوى فهو أشبه شيء بالنور الظاهر بنفسه والمظهر لغيره بل هو نور على نور، والظرف اما متعلق بأنزل والكلام على حذف مضاف أي مع نبوته أو إرساله عليه السلام لأنه لم ينزل معه وإنما نزل مع جبريل عليه السلام.
نعم استباؤه أو إرساله كان مصحوبا بالقرآن مشفوعا به وإما متعلق باتبعوا على معنى شاركوه في اتباعه وحينئذ لم يحتج إلى تقدير، وقد يعلق به على معنى اتبعوا القرآن مع اتباعهم النبي صلّى الله عليه وسلّم إشارة إلى العمل بالكتاب والسنة، وجوز أن يكون في موضع الحال من ضمير اتبعوا أي اتبعوا النور مصاحبين له في اتباعه وحاصله ما ذكر في الاحتمال الثاني، وأن يكون حالا مقدرة من نائب فاعل أنزل. وفي مجمع البيان أن مع بمعنى على وهو متعلق بأنزل ولم يشتهر وروي

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست