حاجيات النفس البشرية، ورغابتها، واتجاهاتها فى الحياة، وجدناه قد ربط بين هذه الجوانب التى تهيمن على الإنسان، ورغباته وانطلاقاته، برباط الوحدة، الوحدة فى المشاعر والسلوك، والعقيدة والعمل، الوحدة بين الإيمان القلبى والعملى، وقد ظهر هذا النموذج المثالى فى الإسلام، فكان الفرد والمجتمع وحدة واحدة فى التكاليف والمسئوليات، ومن مظاهر ذلك عبادة الله وحده، والاقتداء بفعل الله نحو عباده من رزق، ومغفرة، لأجل الفعل نفسه، لا لغرض نفعى.
وقد رسمت الآيات القرآنية المنهج القويم فى قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 111، 112].
إسلام الوجه واستسلامه المعنوى والعملى لله الذى أوجد له العقيدة التى تصنع الحياة، والأجر مضمون لا يضيع عند رب العباد فى الدنيا والآخرة، والإسلام دين يزرع فى قلب المؤمن الإيمان بالله سبحانه وتعالى ويجعله على بصيرة من أمر دنياه وأخراه، ومتى آمن الإنسان بربه، وعرف حقيقة هذا الإيمان، وذاق طعم الطاعة، ازداد تمسكا به، وفهما لمبادئه القويمة التى سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وطبقها فى حياته وبين صحابته، حتى ينال رضا الله، ورضا الناس.
ونحن إذا أردنا أن نخطط لبناء هذه الشخصية الإسلامية، فإننا نعرض نماذج من الآيات القرآنية تحدد لنا طريقة هذا البناء، وما يجب أن يكون عليه، والإنسان يعرف طريقه من التقابل والموازنة فى المواقف، ومن النماذج التى تصور تفكيرا معينا، وآراء فى العقيدة والفهم للأمور.
قال الله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [البقرة: 113].
هذه نماذج من التفكير السقيم، والآراء الفجة التى تدل على سفاهة وقصور، ومواقف لأناس اختلفت بينهم المشارب، وتباينت النزعات، فضلوا عن سواء السبيل.
نجد فى هذه الآيات أن كل فريق يطعن الآخر فى اعتقاده، وأنه ليس على شىء من