أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133، 134].
صفات تلك النفوس المخلصة التى تستوجب التقدير، وتحظى بالاحترام، وتعطى مثالا للنفس السوية التى لم تشبها أمراض النفاق، ولم تدنسها أرجاس الشرك، وعرفت ذاتها، وصدقت فى حياتها، فكانت عماد الحياة، وأمل المستقبل، وحامل لواء النهضة والتقدم فى كل عصر.
بناء الشخصية الإسلامية:
تسعى جميع الهيئات والأجهزة التى تتولى أمر الإرشاد والتوجيه، والتربية والتعليم، فى كل زمان ومكان، إلى تحقيق هدف سام نبيل، وهو العمل على بناء الشخصية المتميزة للفرد والمجتمع.
وتختلف فلسفة بناء هذه الشخصية تبعا لما يحكم المجتمع من أنظمة اقتصادية، أو سياسية متباينة، وتظهر الفروق الكثيرة فيما نجده من وسائل التوجيه، أو طريقة التعليم والتربية فى ناتج هذه الفلسفات، أو المتمخض عن نزعاتها، وآرائها، وكلها آراء واتجاهات إذا كتب لبعضها التوفيق فى تحقيق هدف، أظهرت قصورا وفشلا فى آخر، وبذلك كانت سمة هذه الاتجاهات الحاجة الملحة إلى التغيير والتبديل فى كل خطواتها، وعلاج ما تجد من عثرات فى تطبيقاتها، وإصلاح القصور فى نظرياتها.
وكل هذا لأنها استمدت نورها وضوءها من إشعاعات فكر قاصر، وتقليد ممسوخ لنظريات وأفكار قديمة لا تراعى مصلحة الفرد، ولا مصلحة الجماعة، ولا ترضى جوانب الشخصية الكاملة من إنماء للشعور، وتوجيه للسلوك، وتربية للعقيدة والوجدان، وتنظيم للفكر.
ولماذا نطلق القول فى هذا وأمامنا ما يحدث فى تلك الدول العظمى، وبخاصة ما نراه فى الدول الاشتراكية فى وقتنا الحاضر، تحولات خطيرة تشهدها تلك المجتمعات التى قامت على فلسفة اشتراكية، عجزت عن إرضاء حاجة الإنسان الضرورية، وابتعدت عن الجوانب الروحية التى تميز الإنسان عن غيره من بقية المخلوقات، فإذا استطاعت أن ترضى حاجة الجسم الشهوانية من مطعم، ومأكل، وملبس، وقليلا ما يحدث هذا، بدليل ما نراه الآن من أحداث هروب جماعية من دولة اشتراكية إلى دولة غربية النظام، من