معاناتهم، وقد يقعون نتيجة ذلك فريسة سهلة لألوان من المخدرات القاتلة التى تذهب بأرواحهم وقوتهم وعقولهم، دون أن تبدو منهم مقاومة لها؛ لأنهم لا يملكون من وسائل القدرة على ذلك ما ينفعهم فى موقفهم، فعقولهم وأفئدتهم خواء لا شىء يعمرها، ولا فكر يمد يده لينقذها مما تردت فيه.
يجب أن يكون للقيم النبيلة تلك الصدارة على قيم أخرى التى تعتبر أدنى مرتبة وأقل تأثيرا فى النفس، لقد انعكست الأمور فى وقتنا الحاضر، فأخذت المادية تطغى على كل النفوس فى مواقف الحياة، وفى التعاملات، والعلاقات، والتطلعات المختلفة، والطموحات العديدة التى يرنو إليها كل شاب متطلع للحياة بكل ما فيها، وهذا هو موطن الخطورة، يحس بذلك أولو الأمر فى اتجاهاتهم السياسية والثقافية، ويشعر بها المربون والآباء فى سعيهم الثقافى، والتربوى، والاجتماعى، ويرون فى ذلك نذيرا لمستقبل لا يبدو باسما بحال، ولا مبشرا بطريق مستقيم.
ولكن إذا بدأت القيم تغير من أماكنها على مسرح الحياة، وفى شعور الناس وعقولهم، وبدأت تسترد اعتباراتها التى كانت لها فى الماضى، ويعاد ترتيبها من جديد، وتحتل القيم الرفيعة صدارتها الأولى، كان ذلك بداية إلى ما هو أفضل فى الحياة، وقضاء على عادات وانغماسات فى مهالك مردية يقع فيها الكثيرون.
إن ما نلحظه فى وقتنا الحاضر أن تلك الأنظمة التى شدت انتباه الناس، وبخاصة الشباب الذى بهر بما فيها من حرية وانطلاق، واستمتاع مطلق بكل ما تحمله المدينة الحديثة فى طياتها من خبائث الشراب والجنس، بدأت تلك الأنظمة تعيد النظر فى ترتيب أوراقها، وترجع إلى فهم حقيقى للحرية المنشودة للإنسان المعاصر، الحرية التى تلتزم بالقيم النابغة من الدين، المحافظة على الأخلاق العامة وعلى حقوق الآخرين.
1 - قال الله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [العنكبوت: 41 - 43].
جاء هذا المثل القرآنى عقب آيات تناولت أحوال أمم سابقة لهم فى مجال المعصية دور مشهود، وفى محاربة الرسل السابقين لهم عمل مشهور، وفى إنكار الدعوات