نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 92
بالجهل، أو أن يتحكم الهوى، وتتغلّب الأغراض فتجور بصاحبها عن نهج الصواب، وتعدل به عن طريق الحق، فلو أصاب أحدهم مع هذه النية فقد أخطأ وأثم، ولا شك أن الذين يجتهدون فى تحرى الحق متجرّدين له من أهوائهم فهم مثابون، إن أخطئوا فلهم أجر، وإن أصابوا فلهم أجران إن شاء الله. وبهذا يجمع بين رغبة السلف فى التفسير وتعظيمهم لقدر المفسرين، وبين خوفهم من القول فى القرآن بالرأى، وما ورد فى النهى عن ذلك [1].
تأثر أسلوب التفسير بالثقافات والعصور المختلفة:
ولا شك أنّ أسلوب التفسير قد تأثّر بالتطوّرات الاجتماعية والثقافية فى العصور الإسلامية المختلفة، فبدأ أول ما بدأ هينا يسيرا ساذجا. يتناول بعض الآيات وبعض الألفاظ والوقائع لاستغناء الناس عن ذلك بسليقتهم العربية وذوقهم اللسانى الذى ما زال متمكّنا منهم، وما زالوا مقيمين عليه، واكتفاء بالسنة العملية التى شاهدوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أصحابه والتابعين لهم بإحسان.
وجاء عصر التدوين والقصص، فكتبت فى التفسير رسائل لا تعدو أن تكون روايات منقولة وأقاصيص، منها ما هو صحيح يتصل بأسباب النزول، ووقائع الأحكام، ومنها ما هو منقول عن أهل الكتاب فيه الغث وفيه السمين، وعرف بذلك مفسرون، ووضعت كتب على هذا الأسلوب الذى يعرف بأسلوب الرواية أو" التفسير بالمأثور" لا شك أن من أعظمها وأجلها وأبقاها وأنفعها وأغزرها مادة تفسير الإمام محمد بن جرير الطبرى المتوفى سنة 310 هـ واسمه" جامع البيان فى تفسير القرآن". [1] وجّه الحديث الوارد فى النهى عن القول فى القرآن بالرأى هذا التوجيه: ابن عطية فى تفسيره، وابن كثير فى تفسيره أيضا، ولابن كثير كلمة جيدة ننقلها للأهمية، يقول رحمه الله:" هذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام فى التفسير بما لا علم لهم فيه. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال فى التفسير ولا منافاة، لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه" انظر: تفسير ابن كثير (1/ 6)، ونحا هذا النحو فى توجيه النهى عن تفسير القرآن بالرأى: الإمام أبو حامد الغزالى فى الإحياء (1/ 288 - 293) وكذلك ابن الأثير فى" جامع الأصول" (2/ 4 - 6).
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 92